المازندراني في هذا الأمر
: ( وقد تحير العقلاء في حقيقته ، واعتراف کثير منهم بالعجز عن معرفته حتى قال بعض
الأکابر : إن قول أمير المؤمنين ٧
: « من عرف نفسه فقد عرف ربه » ،
معناه أنه کما لا يمکن التوصل إلى معرفة النفس أعني الروح كذلك لا يمكن التوصل إلى
معرفة الرب ، وقوله تعالى : (
وَيَسْأَلُونَكَ
عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ
إِلاَّ قَلِيلاً ) ،
مما يعضد ذلک ، وحمل الروح هنا على ما هو مبدأ التأثير والحرکة والحياة ، سواء کان
مجرداً عن الکثافة الجسمانية ، أو منطبعاً في مادة جسمانية يشمل الأقسام الخمسة ...
).
وقد نقل السيد نعمة الله الجزائري قولهم
في حقيقة النفس ، قائلاً : ( قالوا : إنها معلومة الوجود مجهولة الکيفية ، فکما أن
کيفية الرب غير مدرکة لنا لتعالى حده ، کذلک کيفيتها غير معلومة لنا لتدانى حدها ،
فعلى هذا معنى قوله : « من عرف نفسه فقد عرف ربه » من باب تعليق المحال على المحال
).
وقد نفهم من قوله تعالى في جواب من سأل الرسول
الأکرم ٩ عن معرفة حقيقة
الروح ، حيث جاء فيه : (
وَيَسْأَلُونَكَ
عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ
إِلاَّ قَلِيلاً ) ،
من أنه کان جواباً لهم ، ولکن مدارکهم العقلية عجزت عن فهم هذا الجواب ، فقد جاء في
ميزان الحکمة عن تفسير الميزان : ( فأفاد أن الروح من سنخ أمره ثم عرف الأمر في قوله
تعالى : ( إِنَّمَا أَمْرُهُ
إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ
* فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ
شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
) ، فأفاد أن الروح من الملکوت ، وأنهما کلمة
« کن » ثم عرف الأمر بتوصيفه بوصف آخر بقوله : (
وَمَا
أَمْرُنَا
ــــــــــــــــ