وفکرة الخلود والحياة بعد الموت تحتل مکان الصدارة فيه ، وهذا يکشف لنا عن أهمية هذه الفکرة عندهم.
يقول المؤرخ اليوناني هيرودوث : ( إن المصريين هم أول الشعوب الذين اعتقدوا بخلود النفس ). (١)
ولا يخفى عليک ما فيه من مخالفظ صريحة لظاهر النصوص الإسلامية القرآنية ، باعتبار أن المصريين ليسوا هم أول الأمم التي وجدت على وجهه الأرض ، وما من أمة إلاّ وکان لها نذير ، کما حکى لنا القرآن الکريم في قوله تعالى : ( وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلا فِيهَا نَذِيرٌ ) (٢) هذا من جهة الخبر السماوي ، وأما من جهة الخبر السماوي ، وأما من جهة الخبر الأرضي ، فإنه لم يثبت لنا التاريخ البشري أنهم کانوا أول الشعوب التي وصلنا خبرها ، فيمکن توجيه کلامه عندئذ ، وتأييده في حقيقة هذا الاعتقاد ، بما ورد من النصوص المنقوشة علي الأهرامات التي يرجع تاريخها إلى الأسر الأولى مکتوب عليها : « أن النفس خالدة لا تموت أبداً » ، (٣) وما جاء في کتاب الموتي : « أن الميت يقول أنا لا أموت مرة ثانية في العالم الثاني ... ». (٤)
ويأتي کلام المؤرخ ويل ديورانت مؤکداً لوجود هذه العقيدة عند المصريين القدماء ، حينما تعرض في الحديث عن الديانة المصرية القديمة ، فقال :
«وکان أهم ما يميز هذا الدين توکيده فکرة الخلود». (٥)
ويرى بعضهم أن أروع ما في العقيدة المصرية القديمة هو اعتقادهم بالحياة الأخرى ، وقصر فترة الدنيا بنظرهم ، وبقاء الحياة بعد هذه الدنيا الفانية ، فقال : ( فقد
ــــــــــــــــ
١. الأستاذ أنطوان ذکرى ، الأدب والدين عند قدماء المصريين ، ص ١٠١.
٢. فاطر ، ٢٤
٣. الأستاذ أنطوان ذکري ، الأدب والدين عند قدماء المصريين ، ص ١٠١.
٤. المصدر السابق.
٥. محمد بدران ، ترجمة قصة الحضارة ، مج ١ ، ج ٢ ، ص ١٦٢.