فقط ، کما عليه الأناجيل
الموجودة اليوم ، وإما التوراة فيکاد لا يکون فيها وجود للمعاد الاُخروي ، نعم توجد
نصوص في کتاب التلمود لليهود المختص بذکر الأحکام والتعاليم اليهودية ، وعندئذ فلا
يرد عليه إشکال من هذه الجهة.
ما المقصود من الإمکان المذکور في الدليل
؟ يعني هل هو إمکان بالنسبة إلى القابل ، أو الإمکان بالنسبة إلى الفاعل ؟
ويجيبنا عن هذا السؤال الخواجة قائلاً :
( ... وهما حاصلان ، إمّا بالنظر إلى القابل ، فإن الجسم للأجزاء القائمة به أمر ثبت
له لذاته ، وما بالذات کان حاصلاً أبداً ، وإمّا إلى الفاعل ، فإنه تعالى بدأ بأعيان
أجزاء کل شخص لکونه عالماً بالجزئيات وقادراً على جمعها ، وخلق الحياة فيها لکونه قادراً
على کل الممکنات ، وإذا کان کذلک کانت الإعادة ممکنة ).
ويمکن
أن يقال : إنّه لا إشکال في قبول الجسم للأعراض من
هذه الجهة ، ولکن الإشکال في بقاء الجسم العنصري الدنيوي بعد مفارقة الروح له ، هل
يبقى على صورته الأولى ، أم أنه يتبدل إلى صور لأنواع أخرى ؟ وهذا هو محل البحث ، والجواب
ببقاء الأجزاء الأصلية دون الفضلية غير ثابت ، کما مرّ علينا سيأتي الکلام مفصلا فيها
في بحث إبطال شبهة الآکل والمأکول ، وعليه فبمجرد إمکان الجسم ـ القابل ـ للأعراض غير
کاف في دلالته على ثبوت إمکان المعاد الجسماني ، فلنلتمس دليلاً آخراً على المطلوب.
وأمّا من جهة إمکان الفاعل ، فلا إشکال في
ثبوت قدرته المطلقة ، ولکن الکلام في متعلق القدرة ، وعندئذٍ نسأل هل ما نحن فيه يصلح
أن يکون موضوعاً لها أم لا ؟ وهذا هو محل الکلام ، وسيأتي الکلام فيها إثباتاً أو نفياً
في نهاية هذه الأطروحة إن شاء الله.
خلاصة
الکلام : إن ما جاء به الخواجة نصير الدين الطوسي
من الدليل الثاني
ــــــــــــــــ