واقعيتها وحقيقتها ،
فالعدل والحکمة لهما خصائص هذه الصفة باعتبار استنادهما عليها ، وعليه فالبرهان قائم
على مقدمتين واقعيتين حقيقيتين بهذا الاعتبار ، فتأمل !
وبعد ثبوت هذا الأمر ، نقول إن الله
تعالى کلَّف عبده بمجموعة تکاليف تحمل من أجلها الآلام والإيذاء ، وهو يستلزم العوض
عليها ، وإلا لکان ظلم منه تعالى لعبده ، وساحته منزَّهة عن هذا ، کما وصف نفسه تعالى
بقوله : ( وَمَا رَبُّكَ
بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ ) ،
ولقوله : ( وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ
بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ ) ،
لقوله : ( لا يُضِيعُ أَجْرَ
المُؤْمِنِينَ ) ،
وغيرها ، بل هو مقتضى عدله وحکمته أن يعطيه أجره على ذلک ، ومادام العبد لم يحصل
على هذا الأجر في عالم الدنيا ، فوجب عليه من هذا لمنطلق أن يعطيه إياه في يوم توفّى
فيه کل نفس ما عملت من خير أو شر ، وذلک هو اليوم الآخر.
الدليل
الثاني : الدليل السمعي : وقد عبر عنه
بقوله : ( الضرورة الدينية قاضية بثبوت الجسمانية من دين محمد ٦ مع إمکانه ).
ويمکن أن يعترض عليه بما يلي
:
أولاً
: ما المقصود من هذه الضرورة ، وما هي حدودها
، ولماذا قيدت بدين النبي محمد ٩
؟
ويمکن أن نجيب عن السؤال باحتمالين ، وهما
: إنّ المراد منها هي خصوصية الضرورة الدينية ، وعندئذ نسأل هل المقصود منها الإجماع
والاتفاق الحاصل لعلماء الأمة الإسلامية من دين محمد ٩
أم أن المقصود منها الحکم العقلي المؤيد بالشرع المحمدي الحنيف ؟
فعلى الأول ، يکون الإجماع مدرکياً ، فيرجع
في ثبوته وعدمه إلى تحقيق المدرک المتکئ عليه ، کما هو الظاهر من کلامه الشريف إرادته
منه خصوص
ــــــــــــــــ