حول هذه المسألة الحساسة أكثر صوابية وينسجم مع روح الإسلام السمحة ، ويتلائم مع رحمة الله الواسعة. فالإنسان ضعيف بطبعه ومعرَّض للخطأ ، لذلك فتح الله تعالىٰ أمامه باب التوبة علىٰ مصراعيه ، عن أبي عبدالله عليهالسلام : « إنَّ الله عزَّ وجلَّ يفرح بتوبة عبده المؤمن إذا تاب كما يفرح أحدكم بضالته إذا وجدها » (١).
وعليه فآل البيت عليهمالسلام لا يؤيسون الناس من رحمة الله ويدخلونهم في دائرة الكفر بمجرّد إرتكاب الذنب وإن كان كبيراً ، فهناك ربّ رؤوف يتصف بالرحمة والمغفرة أقسم أن لا يُبقي أحداً في النار من الموحدين.
وتزداد هذه الرؤية وضوحاً وإشراقاً من الأمل ، بما ورد عن أبي عبدالله عليهالسلام : « ما من مؤمن يقارف في يومه وليلته أربعين كبيرة ، فيقول : وهو نادم ، استغفر الله الذي لا إله إلاّ هو الحي القيوم بديع السماوات والأرض ذي الجلال والاكرام وأسئله أن يصلي علىٰ محمد وآل محمد وأن يتوب عليَّ إلاّ غفرها الله عزَّ وجلَّ له » (٢).
وعنه عليهالسلام : « .. قد يكون العبد مسلماً قبل أن يكون مؤمناً ولا يكون مؤمناً حتىٰ يكون مسلماً ، فالإسلام قبل الإيمان وهو يشارك الإيمان ، فإذا أتىٰ العبد كبيرة من كبائر المعاصي أو صغيرة من صغائر المعاصي التي نهىٰ الله عزَّ وجلَّ عنها كان خارجا من الإيمان ، ساقطاً عنه اسم الإيمان وثابتاً عليه اسم الإسلام ، فإن تاب واستغفر عاد إلىٰ دار الإيمان ولا يخرجه إلىٰ الكفر إلاّ بالجحود والاستحلال أن يقول للحلال هذا حرام وللحرام هذا
______________
١) اُصول الكافي ٢ : ٤٣٦ / ١٣ كتاب الإيمان والكفر.
٢) المصدر السابق : ٤٣٨ / ٧.