ثم إنّ الإسلام حارب التقاليد البالية التي تمجد المراسم الفارغة التي لا تنسجم مع بساطة الإسلام والتي لا تنفع بقدر ما تولد العنت والمشقة وتضع الحواجز النفسية والاجتماعية خاصة بين الحاكم والمحكوم. وكان الإمام علي عليهالسلام نموذجاً للحاكم الإسلامي الذي يحب البساطة والتواضع ويكره التكلّف والتعظّم بدليل أنّه : « لما لقيه عند مسيره إلىٰ الشام دهاقين الأنبار ، فترجلوا له واشتدوا بين يديه ، فقال عليهالسلام : « ما هذا الذي صنعتموه ؟ فقالوا : خُلق منّا نعظِّم به أُمراءَنا ، فقال عليهالسلام : والله ما ينتفعُ بهذا أمراؤكم ! وإنَّكم لتشقُّون علىٰ أنفسكم في دُنياكم ، وتشقون به في آخرتكم.. » (١).
ثالثاً : الإيمان يمنح البركة والقوّة :
الإيمان يدفع الأفراد نحو التقدم المطرَّد ، والسير إلىٰ الأمام وعدم الانكفاء إلىٰ الوراء ، قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « من اعتدل يوماه فهو مغبون ، ومن كان غده شراً من يومه فهو ملعون ، ومن لم يتفقد النقصان من نفسه فهو في نقصان ، ومن كان في نقصان فالموت خيرٌ له » (٢). وعن علي بن الحسين عليهالسلام قال : « بينما أمير المؤمنين ذات يوم جالس مع أصحابه يعبيهم للحرب إذ أتاه شيخ عليه شحبة السفر.. فقال : إنّي أتيتك من ناحية الشام وأنا شيخ كبير وقد سمعتُ فيك من الفضل ما لا أحصيه وإنّي أظنّك ستُغتال ! فعلمني ما علّمك الله قال : نعم يا شيخ من اعتدل يوماه فهو مغبون.. ومن كان في نقص فالموت خير له » (٣).
إذن فالإيمان يُحفز أفراد المجتمع علىٰ التقدم نحو الأفضل ،
______________
١) نهج البلاغة ، ضبط صبحي الصالح : ٤٧٥ / حكم ٣٧.
٢) تنبيه الخواطر ٢ : ٢٩.
٣) تنبيه الخواطر ٢ : ١٧٣.