هذا الشرط في خصوص زمان الصدور ، أو مطلقا ، أو المدار على عرف البلد الذي تقع فيه هذه المعاملة؟
أقول : لا شكّ في أنّ تشخيص المراد وتعيينه من الألفاظ المستعملة في الروايات يكون بما يفهمه العرف منها ، بعد الفراغ عن أنّ الشارع لم يخترع طريقة خاصّة للتفهيم ، بل يلقى مراداته إلى المكلّفين على طريقة أهل المحاورة والعرف.
فبناء على هذا مقتضى القواعد الأوّليّة هو أن يكون المراد منهما ما هو المكيل والموزون في زمان الشارع وفي لسانه وعرف بلده ، ولعلّه لذلك ادّعى بعضهم الإجماع على أنّ ما كان موزونا أو مكيلا في زمان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يدخل فيه الربا وإن تغيّر فيما بعد وصار معدودا ، كما أنّ الخبز كان موزونا والآن في زماننا صار معدودا في بعض البلاد.
فبناء على هذا ، المدار في الكيل والوزن هو المكيليّة والموزونيّة في زمانه صلىاللهعليهوآلهوسلم في الأجناس التي كانت في زمانه وبلاده ، وأمّا الأجناس التي لم تكن في ذلك الزمان كالطماطة والبطاطة فيعتبر حالها بالنسبة إلى البلد التي يقع البيع في ذلك البلد ، فإن كانت مكيلة أو موزونة فيدخل فيه الربا ، وإلاّ فلا.
وقد ذكر العلاّمة قدسسره في التذكرة : أنّه قد أجمع المسلمون على ثبوت الربا في الأشياء الستّة ؛ لقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « الذهب بالذهب مثلا بمثل ، والفضّة بالفضّة مثلا بمثل ، والتمر بالتمر مثلا بمثل ، والبرّ بالبرّ مثلا بمثل ، والملح بالملح مثلا بمثل ، والشعير بالشعير مثلا بمثل ، فمن زاد أو ازداد فقد أربى ، بيعوا الذهب بالفضّة كيف شئتم يدا بيد ، وبيعوا البرّ بالتمر كيف شئتم يدا بيد ، وبيعوا الشعير بالتمر كيف شئتم يدا بيد » واختلف فيما سواها (١).
ثمَّ ذكر اختلاف الفقهاء في بعض الفروع ، ثمَّ قال بلزوم الأخذ بإطلاق قوله
__________________
(١) « تذكرة الفقهاء » ج ١ ، ص ٤٧٦.