الإمام عليهالسلام فلا بدّ من الرجوع إلى نفس المدرك المحتمل إن كان معلوما ، وأنّه هل يصحّ الاعتماد عليه أم لا؟ كما أنّه في المقام من المحتمل القريب أن يكون مدركهم هذا الأمر الثاني الذي نبيّنه إن شاء الله تعالى.
الأمر الثاني : هو أنّ الإعارة والإجارة لا تختلفان في الحقيقة ، وكلاهما عبارتان عن تسليط المالك المستعير والمستأجر على عين ماله لتمليك منفعته إيّاهما ، ولا فرق بينهما إلاّ بأنّ تمليك المنفعة أو الانتفاع بتلك العين في العارية مجّاني وبلا عوض ، وفي الإجارة يكون بعوض وليس مجانا.
فمورد الإجارة والإعارة واحد ، وهو العين التي لها منفعة محلّلة يمكن الانتفاع بها ، فيسلط الطرف عليه ويملكه منفعتها أو الانتفاع بها فينتفع بها. وأمّا كون الانتفاع بها بلا عوض أو مع العوض لا يغيّر المورد ، فالمورد في كليهما واحد ، إلاّ أن يأتي دليل خاصّ من إجماع أو رواية معتبرة على صحّة إحديها دون الأخرى ، وإلاّ فمقتضى الأصل الأوّلي هو أنّه لو صحّ أحدهما صحّ الآخر.
ومقتضى هذا الدليل أنّ الكلّية من الطرفين ، أي كما أنّ كلّما صحّ إعارته صحّ إجارته ، كذلك كلّما صحّ إجارته صحّ إعارته. وهو كذلك إلاّ أنّهم ذكروا الكلّية الأولى دون الثانية ، ولعلّه لأنّ الإجارة عقد لازم لا يمكن حلّه إلاّ بأحد موجبات الفسخ ، بخلاف العارية فإنّ العارية قابلة للاسترداد والرّد في أيّ وقت أراد كلّ واحد من الطرفين. فالإجارة تحتاج إلى دليل الإثبات وصحّة عقده كي يحكم عليها باللزوم ، وأمّا العارية في الحقيقة هو إذن في التصرّفات ، ولا أثر لكونها صحيحة أو فاسدة ؛ لأنّ فاسدها أيضا لا ضمان فيها ، لقاعدة « كلّما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده » فلا أثر مهمّ لمعرفة أنّها صحيحة أو فاسدة ، ولذلك أهملوا ذكر الكليّة الثانية.
أو لأنّ السيرة العمليّة بالنسبة إلى موارد العارية أوسع ، فإنّ الناس يستعيرون