المعاليل على عللها ، كما هو الظاهر من آراء الأشاعرة.
ومقابلهم المعتزلة القائلين بالتفويض ، وقد نسب إليهم أنّه لو جاز العدم ـ العياذ بالله ـ على إله العالم لما ضرّ عدمه بالعالم ، وأنّ العباد مستقلّون في أفعالهم.
ولازم القول الأوّل صدور القبيح ـ العياذ بالله ـ من الله تعالى ، لأنّ العقاب على الفعل غير الاختياري قبيح ، خصوصا إذا كان سلب القدرة منه تعالى بإرادته تعالى ، وإسناد القبيح ـ العياذ بالله ـ إلى الله إنكار للضروري ، وهو أنّه تعالى لا يفعل القبيح.
وأمّا الثاني : أي المفوّضة ، فيرجع كلامهم إلى استغناء العالم ـ العياذ بالله ـ وأنّ إرادة الله ـ العياذ بالله ـ ليست محيطة بالأفعال والأشياء. وهذا أسوأ من الأوّل ، ولذا قال الأئمّة المعصومون : « لا جبر ولا تفويض بل أمر بين الأمرين » (١).
ولكن هذه أبحاث كلاميّة لا ربط لهما بعقائد المسلمين ، يصيب فيها بعض ويخطئ بعض ، ولذلك لو سئلت عن أيّ واحد من المسلمين هل أنت مجبور على فعل كذا؟
يقول : لا ، حسب ارتكازه ، وأيضا لو يسأل عنه أنّه هل الله تبارك وتعالى يفعل القبيح؟ يقول : لا ، وكذلك لو سئل أنّ هذا الفعل الذي تريد أن تفعل تقدر أن تفعل ولو لم يرد الله ذلك؟ يقول : لا ، بل بإرادة الله ، ولذلك في أمر يقول : أفعل إن شاء الله ، ويعلّقه على مشيّة الله جلّ جلاله ، فلوازم هذه الآراء الباطلة لا يلتزم بها أحد من المسلمين ، وإنّما هي صرف أبحاث علميّة التي يقع فيها الخطأ كثيرا من كثير من الباحثين.
الأمر الخامس : المجسّمة والمشبّهة. والنسبة بينهما عموم وخصوص مطلق ، وذلك من جهة أن تجسيمه تعالى نوع وقسم من التشبيه ، ودائرة التشبيه أعمّ ، إذ يمكن تشبيهه بغير الأجسام من الممكنات والمخلوقات ، مثل أن يقال : مثل الله تبارك وتعالى إلى المخلوقات والعالم نسبة النفس الناطقة المجرّدة إلى أبدان الآدميّين. وعلى كلّ حال
__________________
(١) « التوحيد » ص ٣٦٠ ، ح ٣.