الموثقة سياق الروايات التي تدلّ على عدم انفعال ماء القليل بملاقاة النجس أو النجاسة.
وأمّا الرواية الواردة (١) في تغسيل النصراني للرجل المسلم إذا لم يكن مماثلا للميّت المسلم أو ذات محرم مسلمة ، وكذلك تغسيل النصرانيّة للمرأة المسلمة إن لم يكن مماثلة مسلمة أو محرم عن الرجال.
ففيها أوّلا : يمكن أن تكون هذه الرواية أيضا من الروايات التي تدلّ على عدم انفعال ماء القليل بملاقاة النجاسة.
وثانيا : أنّه يمكن تغسيله بصبّ الماء من إبريق ـ مثلا ـ من دون ملاقاة بدنه لبدن الميّت.
وثالثا : يمكن أن يكون تغسيله بالماء الكثير.
وخلاصة الكلام : أنّ هذه الروايات جميعها لا يخلو من المناقشات في دلالتها على طهارة أهل الكتاب ، ولو سلّمنا ظهور بعضها أو جميعها في ذلك وخلوها عن المناقشات فأيضا لا يصحّ الاستدلال بها ، بل لا بدّ من طرحها وعدم الاعتناء بها.
بيان ذلك : أنّ عمدة الدليل على حجّية خبر الواحد هو بناء العقلاء ، والأخبار التي تدلّ على ذلك يكون مفادها هو إمضاء ذلك البناء. وذكرنا المسألة مشروحا مفصّلا في كتابنا « منتهى الأصول ». (٢) ولا شكّ في أنّ بناء العقلاء على حجّية خبر موثوق الصدور ، وأمّا إذا لم يثقوا بصدوره فلا يرون حجيّته ، وإن كان الراوي إماميّا ثقة عدلا.
نعم أحد أسباب الوثوق بالصدور كون الراوي ثقة إن لم يعارضه جهة أخرى ،
__________________
(١) « تهذيب الأحكام » ج ١ ، ص ٣٤٠ ، ح ٩٩٧ ، باب تلقين المحتضرين وتوجيههم عند الوفاة ، ح ١٦٥ ، « وسائل الشيعة » ج ٢ ، ص ٧٠٤ ، أبواب غسل الميّت ، باب ١٩ ، ح ١.
(٢) « منتهى الأصول » ج ٢ ، ص ١١٣.