ويظهر من كلام صاحب الجواهر (١) أنّ إجارة المرضعة للرضاع جائزة ، ولا يجوز إعارتها لذلك. وهذه عين عبارته : ولا يقدح في هذا الضابط جواز عارية المنحة للحلب دون الإجارة له ، عكس المرأة للرضاع بعد أن كان ذلك بالدليل.
وعلى كلّ حال هذه النقوض غير واردة على هذه الكلّية. أمّا جواز عارية الشاة المنحة فأوّلا يمكن أن يقال بأنّه ليس من باب العارية ، بل يكون إباحة للبنها من طرف المالك لمن يعطيها بيده.
وثانيا : يمكن أن يكون هذا لدليل خاصّ ورد في المقام ، فيكون مخصّصا لهذه القاعدة وهو الإجماع كما حكاه في الجواهر (٢) عن بعض متأخري المتأخّرين ، أو ما رواه الحلبي عن الصادق عليهالسلام في الرجل يكون له الغنم يعطيها بضريبة سمنا شيئا معلوما أو دراهم معلومة من كلّ شاة كذا وكذا ، قال عليهالسلام : « لا بأس بالدراهم ولست أحبّ بالسمن » (٣).
أو صحيح ابن سنان ، سأله أيضا عن رجل دفع إلى رجل غنمه بسمن ودراهم معلومة لكلّ شاة كذا وكذا في كلّ شهر ، قال : « لا بأس بالدراهم ، وأمّا السمن فلا أحبّ ذلك إلاّ أن تكون حوالب » (٤).
وقرّب في الجواهر (٥) الاستدلال بهاتين الروايتين على جواز عارية الشاة المنحة (٦)
__________________
(١) « جواهر الكلام » ج ٢٧ ، ص ١٧٣.
(٢) « جواهر الكلام » ج ٢٧ ، ص ١٧٢.
(٣) « الكافي » ج ٥ ، ص ٢٢٣ ، باب الغنم تعطى بالضريبة ، ح ١ ؛ « تهذيب الأحكام » ج ٧ ، ص ١٢٧ ، ح ٥٥٤ ، باب الغرر والمجازفة وشراء السرقة ، ح ٢٥ ؛ « الاستبصار » ج ٣ ، ص ١٠٣ ، ح ٣٥٩ ، باب إعطاء الغنم بالضريبة ، ح ١ ؛ « وسائل الشيعة » ج ١٢ ، ص ٢٦٠ ، أبواب عقد البيع وشروطه ، باب ٩ ، ح ١.
(٤) « الكافي » ج ٥ ، ص ٢٢٤ ، باب الغنم تعطى بالضريبة ، ح ٤ ؛ « تهذيب الأحكام » ج ٧ ، ص ١٢٧ ، ح ٥٥٦ ، باب الغرر والمجازفة وشراء السرقة ، ح ٢٧ ؛ « الاستبصار » ج ٣ ، ص ١٠٣ ، ح ٣٦٢ ، باب إعطاء الغنم بالضريبة ، ح ٤ ؛ « وسائل الشيعة » ج ١٢ ، ص ٢٦٠ ، أبواب عقد البيع وشروطه ، باب ٩ ، ح ٤.
(٥) « جواهر الكلام » ج ٢٧ ، ص ١٧٣.
(٦) المنحة ـ بالكسر ـ في الأصل الشاة أو الناقة يعطيها صاحبها رجلا يشرب لبنها ثمَّ يردّها إذا انقطع اللبن.