وفيه : أنّ ظاهر هذه النواهي إنّها لبيان شرطيّة ما تعلّق النهي بعدمه ، كقوله عليهالسلام : « فلا تقلّب وجهك عن القبلة » فهذا النهي مفاده شرطيّة الاستقبال بتمام البدن حتّى الوجه ، ولبيان مانعيّة ما تعلّق النهي بوجوده ، كقوله عليهالسلام في خبر أبي هارون : « فإذا أقمت فلا تتكلّم » وسياقها سياق قوله عليهالسلام في موثّقة ابن بكير : « لا تصلّ فيما لا يؤكل لحمه فإنّ الصلاة في صوفه وشعره ووبره وبوله وروثه وكلّ شيء منه فاسدة لا يقبل الله تلك الصلاة » (١). وظهور هذا النهي في الحرمة الوضعيّة ممّا لا ينكر.
ومنها : تعليق جواز القطع وجوبا أو إباحة على الخوف من ضياع مال ، كشرود دابّته ، أو إباق عبده ، أو الخوف على تلف نفسه من جهة مثلا ، وأمثال ذلك ، كفرار غريم لك عليه مال ، كما في صحيحة حريز بن عبد الله عن أبي عبد الله عليهالسلام قال « إذا كنت في صلاة الفريضة فرأيت غلامك قد أتى ، أو غريما لك عليه مال ، أو حيّة تتخوّفها على نفسك فاقطع الصلاة وابتغ غلامك أو غريمك واقتل الحيّة » (٢). فلو كان قطع الصلاة جائزا ابتداء وبمحض الميل والاشتهاء ، فلا يبقى وجه لهذا التعليق.
لا يقال : إنّ الأمر بالقطع ظاهر في وجوبه ، فما هو المعلّق هو وجوب القطع ، ولا ينافي ذلك جوازه بمعنى الإباحة مطلقا وبدون تعليق.
لأنّه لا يمكن أن يكون الأمر بالقطع ها هنا لخصوص الوجوب ؛ إذ لا يجب عليه طلب الغريم أو عبده الآبق ، ويجوز له أن يصرف النظر عن ماله ، فلا معنى لوجوب القطع إلاّ أن يكون صرف تعبّد وأن يكون مقدّمة لطلب غريمه أو عبده ، وهو ممّا لا يمكن الالتزام به.
فقد ظهر أنّه لا دليل على حرمة قطع الصلاة إلاّ الإجماع المدّعى في المقام ومفهوم الرواية الأخيرة. ولكن في وجود المفهوم لها تأمّل.
__________________
(١) تقدم تخريجه في ص ٢٥٦ ، رقم (٢).
(٢) « الفقيه » ج ١ ، ص ٣٦٩ ، باب المصلي تعرض له السباع والهوام فيقتلها ، ح ١٠٧٣ ؛ « وسائل الشيعة » ج ٤ ، ص ١٢٧١ ، أبواب قواطع الصلاة ، باب ٢١ ، ح ١.