ففيه : ما ذكرنا
أنّ سلطنته على إزالة فعل نفسه كاف في ارتفاع تلك العقدة ، لقيامها بكلا الفعلين
وكلا الالتزامين ، فإذا رجع أحدهما عن التزامه يرتفع تلك العقدة وينتقض بنقض
أحدهما ، ولذا يطلق على تخلّف المبايع عن بيعته نقض البيعة ، مع أنّ الرجوع عن
عهده وميثاقه من طرفه فقط.
وأمّا القول بأنّ
البيعة ليست بعقد ، فليس ممّا يصغى إليه. والسرّ في ذلك أنّ العقد إمّا عبارة عن
نفس تعهّدين ، أو حاصل منهما وقائم بهما ، فكما أنّه يرتفع بارتفاعهما ، كذلك
يرتفع بارتفاع أحدهما. ثمَّ إنّ بناء العقلاء على اللزوم أمر قابل للردع شرعا ،
كما أنّه وقع في مورد خيار المجلس ، فالعقلاء والعرف وإن كان بناؤهم على اللزوم
حتّى فيما إذا كان المتعاقدان في مجلس العقد ولم يتفرّقا في عقد البيع ، ولكن
الشارع الأقدس نفى اللزوم ما دام لم يتفرقا عن مجلس البيع بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « البيّعان
بالخيار ما لم يفترقا » ـ أو « لم يتفرّقا » على بعض النسخ أو الطرق ـ فبناء العرف
والعقلاء في مورد خيار المجلس مردوع وليس بحجّة.
هذا إذا قلنا بأنّ
بناء العقلاء على اللزوم مطلق من حيث التفرّق عن المجلس وعدمه ، وأمّا إن قلنا
بعدم إطلاقه وعدم بناء منهم في صورة عدم التفرّق وبقاء المتعاقدين في المجلس ـ وإن
كان هذا الاحتمال بعيدا ، خصوصا فيما إذا طال المجلس ، كما إذا كان المتعاقدان في
سيّارة أو سفينة أو في طيّارة في مسافة طويلة ، بل هما ربما يكونان في طيّارة يطول
مجلسهما إلى مئات فراسخ بل آلاف ، فالعرف في أمثال هذه الموارد بناؤه على اللزوم
بلا ريب ، وإن أخذنا بإطلاق دليل خيار المجلس ، وهو قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « البيعان
بالخيار ما لم يفترقا » ـ وقلنا بثبوت الخيار ، فلا ردع في البين ؛ لتوافق بنائهم
مع الدليل الشرعي الذي مفاده ثبوت خيار المجلس ما لم يفترقا.
وأمّا في سائر
الخيارات غير خيار المجلس ، كخيار الشرط والعيب ، فليس بناء
__________________