ولكن الدليل الذي يذكره للجواز قياس أوّلا ، وثانيا في غير محلّه ؛ لأنّ إتيانه مبنيّ على كون الحرمة والمنع لأجل كونه من الربا ، وقد بيّنّا فساد هذا التوهّم. وعمدة الدليل على الجواز قصور أدّلة المنع عن شمولها للحيوان غير مأكول اللحم ، آدميّا كان أو غيره كالسباع مثلا.
أمّا الإجماع ، فالقدر المتيقّن منه هو حيوان مأكول اللحم ، وأمّا الحديثان فلانصراف لفظ الحيوان عن الآدمي قطعا ، وعن السباع وأمثالها ظاهرا ؛ فالمنع لا دليل عليه ، فمقتضى الإطلاقات صحّة المعاملة ، ولو وصلت النوبة إلى الأصل فهي الصحّة والجواز.
الثاني : أنّه يجوز بيع اللحم بالسمكة الحيّة ، وبيع لحم السمك بالحيوان الحيّ ؛ وذلك لأنّ القدر المتيقّن من الإجماع ما عدا ذلك ، وانصراف الحديثين عن مثل هذه الموارد.
وقال العلاّمة (١) قدسسره في دليله لما تقدّم ، وجوابه ما تقدّم.
الثالث : قال في الشرائع (٢) وفي التذكرة (٣) أيضا : إنّه يجوز بيع دجاجة فيها بيضة بدجاجة خالية ، وزاد في الجواهر (٤) : كما في التذكرة أيضا ، أو دجاجة فيها بيضة أو ببيضة فقط من دون كون دجاجة معها. والوجه في الجميع أنّ شمول الإطلاقات وأدلّة صحّة البيع لا مانع عنها ، إلاّ كون المعاملة ربويّة ، ولا رباء هاهنا ؛ لأنّ المورد ليس بمكيل ولا بموزون ، ولا رباء إلاّ فيما يكال أو يوزن ؛ ولذلك لا مانع من بيع البيضة الواحدة ببيضتين ، لأنّه أيضا ليس بمكيل ولا بموزون ، كما يجوز بيع شاة في بطنها ولد بشاة ليست كذلك ، كما أنّه يجوز بيع شاة بشاتين ، وبيع شاتين بشاة ، كلّ ذلك لأجل
__________________
(١) « تذكرة الفقهاء » ج ١ ، ص ٤٧٨.
(٢) « شرائع الإسلام » ج ٢ ، ص ٤١.
(٣) « تذكرة الفقهاء » ج ١ ، ص ٤٧٩.
(٤) « جواهر الكلام » ج ٢٣ ، ص ٣٨٩.