الثائرة .. المشرّد منذ ربع قرن .. المحكوم بالاعدام ..
قال دعبل وعيناه تفيضان حبّاً :
ـ يا سيدي قد نظمت أبياتاً من الشعر وأحب أن تسمعها فما قرأتها على أحدٍ أبداً!
وراح دعبل ينشر منديلاً فيه كلمات شاعرة .. ثائرة .. ولم يكن ذلك معروفاً أن يُكتب على منديل أبيض يشبه رداء الإحرام والحج! من أجل هذا قال دعبل ليبدّد علامات استفهام ندّت من بعض العيون :
ـ إنما فعلت ذلك لتكون في ثيابي إذا حان موعد السفر ... سفرة الآخرة ١٢١.
وبدأ دعبل تائيته التي قدّر لها الخلود :
تجـادبن بالأرنـان والزفـرات يخبّرن بالأنفاس عن سرِّ أنفسٍ نوائح عجـم اللفظ والنطقات أسارى هوى ماض وآخرات
وتنساب المعاني الرقيقة من قلب انسان أمضى حياته مشرّداً بعيداً عن ربوع وطنه ودياره.
فهو يهدي تحياته للربوع التي تركها خضراء حالمة ، تخطر فيها فتيات يرين جمالهن في الستر والعفة ..