ولعله لأن الأصل عدم القضاء.
وعلى كل حال ( فلو أفطر عامدا لغير عذر في شيء من أيام السنة قضاه وبنى إن لم يشترط التتابع وكفر ) بلا خلاف في شيء من ذلك ، بل ولا إشكال في التكفير للمخالفة المقتضية له نصا (١) وفتوى ، بل ولا القضاء لعموم « من فاتته » (٢) ولصيرورته بالنذر من الصوم الواجب الموقت الذي يقضي لو فات ، وأما البناء فلأن الفرض عدم نذر التتابع ، ففواته لا يقتضي فوات المنذور الذي هو كل يوم يوم بخصوصه ، والتتابع فيه اتفاقي لا نذري ، فهو كصوم شهر رمضان الذي ينحل إلى الأمر بصوم كل يوم يوم منه على انفراده وإن سمي المجموع باسم السنة والشهر إلا أن المنذور ليس ذلك من هذه الحيثية بل هو ذات كل يوم يوم على وجه لا مدخلية لامتثال كل يوم يوم بالمخالفة له في غيره ، مع احتماله ، ( و ) لكن ظاهر الأصحاب الاتفاق على عدمه ، وأنه لا ينحل النذر بذلك ، بل يبقى مخاطبا بما بقي من أيامها ومكلفا بقضاء ما فات مع صحة ما مضى منه قبل المخالفة.
نعم ( لو شرط ) التتابع ( استأنف ) عند المصنف لأن ذكر التتابع يدل على كونه مقصودا ، ولا بد من تحصيله وقد فات بتخلل الإفطار ، فيجب تحصيله بالاستئناف وإتمام السنة بعد انقضاء المعين بقدر ما فات فيها.
وفيه أن الأصل البراءة وصوم كل يوم عبادة مغايرة لصوم غيره ، وإنما يجب عليه قضاء ما أخل به ولما لم يكن تدارك ما وجب عليه من التتابع الذي هو صفة للعبادة لم يجب عليه ، لعدم إمكان الإتيان بالصفة دون الموصوف ، إذ الاستيناف إنما يفيد التتابع في القضاء دون المنذور ، لأن الفرض كون السنة معينة ، بل ربما قيل : إن اشتراط التتابع فيها لغو وإن كان فيه ما فيه ، ولعله لذا جزم الفاضل في القواعد بعدم الاستئناف.
( وقال بعض الأصحاب ) وهو الشيخ في المبسوط فيما حكي عنه : إنه ( إن
_________________
(١) الوسائل الباب ـ ٢٣ ـ من أبواب الكفارات من كتاب الإيلاء والكفارات.
(٢) راجع التعليقة (١) من ص ٣٨٥.