( و ) أما ( لو هلك ) قبل الغد أو بعده قبل التمكن منه ( من غير جهته لم يكفر ) بلا إشكال ولا خلاف.
المسألة ( الرابعة : )
( لو حلف لا شربت من ) ماء ( الفرات حنث بالشرب من مائها ) عند الشيخ في محكي الخلاف والأكثر على ما في المسالك ( سواء كرع منها أو اغترف بيده أو بإناء ) لصدق العرف بل واللغة ، لأن : « من » للابتداء الذي معناه حينئذ كون الفرات مبدءا للشرب ، سواء كان بواسطة أو بغيرها ، بل قد يؤيده قوله تعالى (١) ( إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ ) ـ ، إلى قوله تعالى ـ ( إِلاّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ ) » لأن الاستثناء حقيقة في المتصل.
( وقيل ) والقائل الشيخ وابن إدريس في محكي المبسوط والسرائر : ( لا يحنث إلا بالكرع منها ) الذي هو الشرب منه حقيقة ، بخلاف غيره فإنه مجاز ، كالحلف على الشرب من الإداوة الذي لا يحنث فيه بصب الماء منها بيده أو بغيرها ثم يشربه ( والأول هو ) مقتضى ( العرف ) عند المصنف ومن عرفت ، بل في المسالك « الشرب من الشيء بواسطة أو غيرها غير منضبط ، لأنه لو اعتبر عدم الواسطة لزم عدم الحنث بالكرع أيضا لأن أخذه بالفم سابق على الشرب ، بدليل أنه لو مجه من فيه بعد أخذه لم يكن شاربا ، ولو صب من الكوز في القدح وشرب لا يصدق عليه أنه شرب من الكوز ، فدل على عدم انضباط الواسطة ، وإنما المرجع إلى العرف ، وهو دال في الشرب من النهر على ما يعم الواسطة ، وفي الكوز على ما كان بغير واسطة ، وعلى أن توسط الفم غير مانع مطلقا ».
قلت : قد يقال : إن العرف فارق بين الشرب من الفرات وبين الشرب من مائه ،
_________________
(١) سورة البقرة : ٢ ـ الآية ٢٤٩.