أيضا لعدم العلم بذهاب الرطوبة النجسة ، ولو ذهبت لم يزل حكم النجاسة عن جرم الورد ولا عن الماء النازل بالتقاطر المجاور له.
مسألة (١٤)
ما يقول سيدنا في حجة الشافعي في تحليل الشبابة ، وهو ما رواه عبد الله بن عمر عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه مر على راع وهو يزمر بمزمار معه ، فسد النبي أذنيه بإصبعه ولا برح يسأل ابن عمر عن صوتها هل انقطع أم لا ، فلما أخبره بانقطاعه أرسل بدنه. ووجد الحجة في ذلك ان سماع الشبابة لو كان حراما لكان سيدنا رسول الله صلىاللهعليهوآله أمر ابن عمر على ذلك ولم يأمره بسد أذنيه لأنه لا يقر أحدا على فعل حرام أو سماع حرام بحضرته ، فلما أقر ابن عمر على ذلك ولم يأمره بسد أذنيه دل على أن سماعة مكروه لا حرام ، وسيدنا رسول الله صلىاللهعليهوآله كان ينزه عن الأشياء المكروهة كما ينزه عن الأشياء المحرمة فإذا سلمنا هذه الرواية تسليم جدل هل يكون لأصحابنا جواب عن هذه الحجة التي وجهها الشافعي ، فإنها قوية. أفدنا أفادك الله من فضله وعاملك بما هو من أهله.
الجواب ليس مطلق الصوت الصادر عن هذه الآلات محرما ، بل المشتمل على الطرب الموجب للذة الإنسان ولهوه عملا بالدوران ، فجاز أن يعلم النبي صلىاللهعليهوآله من ابن عمر عدم لذة ما سمعه من ذلك الصوت ، فلا يكون فرقا بينه وبين نعيق الغراب وشبهه من الأصوات التي لا توجب لذة ولا لهوا.
وأيضا جاز أن يكون ابن عمر يعرف سكوت الصوت بغير سماع ، فسأله النبي صلىاللهعليهوآله هل ينقطع صوته بوضع الشبابة عن فيه أو بغير ذلك من الدلائل (١).
__________________
(١) في الجوابين نظر ظاهر وتكلف كما لا يخفى.