عملوا بالمعاصي ، وغيروا دين الله ، وعتوا عن أمر ربهم ، وكان فيهم نبي يأمرهم وينهيهم فلم يطيعوه ، وروي أنه أرميا النبي على نبينا وآله وعليه السلام فسلط الله عليهم جالوت وهو من القبط ، فأذلهم وقتل رجالهم وأخرجهم من ديارههم وأموالهم ، واستعبد نسائهم ، ففزعوا إِلى نبيهم ، وقالوا : سل الله أن يبعث لنا ملكاً نقاتل في سبيل الله وكانت النبوة في بني إِسرائيل في بيت ، والملك والسلطان في بيت آخر ، ولم يجمع الله النبوة والملك في بيت واحد ، فمن أجل ذلك قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكاً نقاتل في سبيل الله ، فقال لهم نبيهم : هل عسيتم إِن كتب عليكم القتال أن لا تقاتلوا ؟ فقالوا : وما لنا أن لا نقاتل في سبيل الله وقد اخرجنا من ديارنا وأبنائنا ، فكان كما قال الله : فلما كتب عليهم القتال تولوا إِلا قليلاً منهم والله عليم بالظالمين ، فقال لهم نبيهم : إِن الله قد بعث لكم طالوت ملكاً ، فغضبوا من ذلك وقالوا : أنى يكون له الملك علينا ؟ ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال ، وكانت النبوة في بيت لاوي ، والملك في بيت يوسف ، وكان طالوت من ولد ابنيامين أخي يوسف لامه وأبيه ، ولم يكن من بيت النبوة ولا من بيت المملكة ، فقال لهم نبيهم : إِن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم ، وكان أعظمهم جسماً وكان قوياً وكان أعلمهم ، إِلا أنه كان فقيراً فعابوه بالفقر ، فقالوا لم يؤت سعة من المال ، فقال لهم نبيهم : إِن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هرون تحمله الملائكة ، وكان التابوت الذي أنزل الله على موسى فوضعته فيه امه وألقته في اليم فكان في بني إِسرائيل يتبركون به ، فلما حضر موسى الوفاة وضع فيه الألواح ودرعه وما كان عنده من آيات النبوة ، وأودعه عند يوشع وصيه ، ولم يزل التابوت بينهم حتى استخفوا به ، وكان الصبيان يلعبون به في الطرقات ، فلم يزل بنوا إِسرائيل في عز وشرف ما دام التابوت عندهم ، فلما عملوا بالمعاصي واستخفوا بالتابوت رفعه الله عنهم ، فلما سألوا النبي بعث الله عليهم طالوت ملكاً فقاتل معهم فرد الله عليهم التابوت كما قال : إِن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هرون تحمله الملائكة ، قال : البقية ذرية الأنبياء .
اقول
: قوله : وروي أنه أرميا النبي ، رواية
معترضة في رواية ، قوله عليهالسلام
: فكان كما قال الله « الخ » ، اي تولى الكثيرون ولم يبق على تسليم حكم القتال إِلا
قليل