الضعيف ، واستدلال الغالب للمغلوب واستعباده في طريق مقاصده ومطامعه.
( حدوث الاختلاف بين افراد الانسان )
ومن هنا يعلم أن قريحة الاستخدام في الانسان بانضمامها إلى الاختلاف الضروري بين الافراد من حيث الخلقة ومنطقة الحياة والعادات والاخلاق المستندة إلى ذلك ، وإنتاج ذلك للاختلاف الضروري من حيث القوة والضعف يؤدي إلى الاختلاف والانحراف عن ما يقتضيه الاجتماع الصالح من العدل الاجتماعي ، فيستفيد القوي من الضعيف اكثر مما يفيده ، وينتفع الغالب من المغلوب من غير ان ينفعه ، ويقابله الضعيف المغلوب مادام ضعيفا مغلوبا بالحيلة والمكيدة والخدعة ، فإذا قوي وغلب قابل ظالمه بأشد الانتقام ، فكان بروز الاختلاف مؤديا إلى الهرج والمرج ، وداعيا إلى هلاك الانسانية ، وفناء الفطرة ، وبطلان السعادة.
وإلى ذلك يشير تعالى بقوله : ( وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا ) يونس ـ ١٩ ، وقوله تعالى : ( ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم ) هود ـ ١١٩ ، وقوله تعالى في الآية المبحوث عنها : ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه الآية.
وهذا الاختلاف كما عرفت ضروري الوقوع بين افراد المجتمعين من الانسان لاختلاف الخلقة باختلاف المواد ، وإن كان الجميع إنسانا بحسب الصورة الانسانية الواحدة ، والوحدة في الصورة تقتضي الوحدة من حيث الافكار والافعال بوجه ، واختلاف المواد يؤدي إلى اختلاف الاحساسات والادراكات والاحوال في عين انها متحدة بنحو ، إو اختلافها يؤدي إلى اختلاف الاغراض والمقاصد والآمال ، واختلافها يؤدي إلى اختلاف الافعال ، وهو المؤدي إلى اختلال نظام الاجتماع.
وظهور هذا الاختلاف هو الذي استدعى التشريع ، وهو جعل قوانين كلية يوجب العمل بها ارتفاع الاختلاف ، ونيل كل ذي حق حقه ، وتحميلها الناس.
والطريق المتخذ اليوم لتحميل القوانين المصلحة لاجتماع الانسان أحد طريقين :