المأمور ، بل مقتضى ذلك وان لم يكن ناصبا نفسه لذلك مع كون العمل مما له أجرة في العادة ، وكذا الحال في أجرة مشتريها أي الأمتعة فإنها على المشتري مع أمره أو إذنه على نحو ما تقدم في البائع وإطلاق المقنعة والوسيلة كون أجرة الدلال على المبتاع والمنادي على البائع منزل على ما ذكرنا قطعا.
ولو تبرع الدلال أو غيره بأن فعل لا بقصد الأجرة لم يستحق اجرة قطعا للأصل ولو أجاز المالك بيعه ، نعم قد يتجه استحقاق الأجرة إذا كان قد فعل بقصدها فضولا عن المالك وقد أجازه ، إذ هو كغيره من أفراد الفضولي الذي تؤثر فيه الإجازة اللاحقة ، بل قد يحتمل تأثير الإجازة في الفعل الذي لم يقصد به التبرع ، بناء على جريانها في العقود والأفعال. لكن على كل حال لا تلازم مع هذا القصد اجازة نفس البيع واجازة الجعل ، فله الاقتصار على الأول دون الثاني.
وقد ظهر من ذلك كله أنه إذا باع الدلال أمتعة شخص على حسب ما قدمنا واشترى أمتعة أخرى لآخر فأجرة ما بيع على الآمر بالبيع وأجرة الشراء على الآمر بالشراء إذ لا مانع من تعدد الدلالتين بالجعل في السلعتين وإن كان الدلال وأحدا. نعم لا يتولاهما الواحد في السلعة الواحدة ، بأن يكون سمسيرا (١) لبائعها ، وسمسيرا لمشتريها ، لاقتضاء سمسرة كل منهما مراعاة مصلحته المنافية لمصلحة الآخر ، ضرورة ابتناء البيع على المغالبة والمماكسة ، فمصلحة كل منهما بغير الأخرى ، فلا يكون اجتماعهما حتى يصح أخذ الجعل للواحد عليهما.
وربما أشكل ذلك بإمكان كون السعر منضبطا في العادة على وجه لا يزيد ولا ينقص ، فيكون المراد من الدلالة للبائع مثلا وجود المشتري ، ومن الشراء وجود البائع ، أو أنهما اتفقا على سعر مخصوص ، فيكون المراد إيقاع العقد.
وقد يدفع ـ مع أن ذلك خلاف الغالب ، بل يمكن منع السمسرة فيه ، بل
__________________
(١) السمسار : المتوسط بين البائع والشاري والساعي للواحد منهما في استجلاب الأخر ، وهو غير الدلال ، معرب ـ سيب سار ـ بالفارسية ( أقرب الموارد ).