ابرة لما وقعت إلا على رأس انسان » (١) ،
وقد بلغ من ضخامة التشييع أن البقيع ما كان يسع أحدا من كثرة الناس ، وحق على المسلمين أن يخفوا لتشييع حفيد نبيهم الذي تكفل بصالحهم ، وعال بضعيفهم وعاجزهم ، وأوقف نفسه على البر والمعروف إليهم.
وحمل الجثمان المقدس من ثوي الإمام الى مسجد النبي (ص) على أطراف الأنامل قد حفت به الوجوه والأشراف ، فوضع في الجامع فتقدم الإمام الحسين (ع) فصلى عليه وقد ائتمت به بقية الصحابة والناس على اختلاف طبقاتهم ، وذكر ابن أبي الحديد : ان الإمام الحسين (ع) أمر سعيد بن العاص بالصلاة عليه وقال له : لو لا انها سنة لما قدمتك (٢) وهذا القول بعيد نظرا لتوتر العلاقات بين الأمويين والهاشميين فكيف يقدم الإمام الحسين عميدهم للصلاة عليه؟ والصحيح ما روي أنه لم يحضر أحد من الأمويين فى موكب التشييع سوى سعيد بن العاص (٣).
واتجهت مواكب التشييع نحو المرقد النبوي ليجددوا بالجثمان الطاهر عهدا عند جده ويوارونه بجواره ، ولما علم الأمويون ذلك تكتلوا وانضم
__________________
(١) الاصابة ١ / ٣٣٠.
(٢) شرح ابن أبي الحديد ٤ / ١٨.
(٣) تاريخ الخميس ٢ / ٣٢٣.