« يا أيها الناس ، مات اليوم حب رسول الله (ص) فابكوا » (١).
وصدعت كلماته القلوب ، وتركت الأسى يحز في النفوس ، وهرع من في يثرب نحو ثوى الإمام وهم ما بين واجم وصائح ومشدوه ونائح قد نخب الحزن قلوبهم على فقد الراحل العظيم الذي كان ملاذا لهم وملجأ ومفزعا إن نزلت بهم كارثة أو حلت بهم مصيبة.
وأخذ سيد الشهداء في تجهيز أخيه وقد أعانه على ذلك عبد الله بن عباس ، وعبد الرحمن بن جعفر ، وعلي بن عبد الله بن عباس ، فغسله وكفنه وحنطه وهو يذرف من الدموع مهما ساعدته الجفون ، وبعد الفراغ من تجهيزه أمر (ع) بحمل الجثمان المقدس الى مسجد الرسول لأجل الصلاة عليه (٢).
كان تشييع الإمام تشييعا حافلا لم تشهد نظيره عاصمة الرسول ، فقد بعث الهاشميون الى العوالي والقرى المحيطة بيثرب من يعلمهم بموت الإمام فنزحوا جميعا الى يثرب ليفوزوا بتشييع الجثمان العظيم (٣) وقد حدث ثعلبة ابن مالك عن كثرة المشيعين فقال :
« شهدت الحسن يوم مات ، ودفن في البقيع ، ولو طرحت فيه
__________________
(١) تهذيب التهذيب ٢ / ٣٠١ ، تاريخ ابن عساكر ٤ / ٢٢٧.
(٢) أعيان الشيعة ٤ / ٨٠.
(٣) تاريخ ابن عساكر ٨ / ٢٢٨.