وتطاوله عليه وهو من الحزب الذي سعر الدنيا حربا على رسول الله (ص) وأثاروا عليه حفائظ الجاهلية وأحقادها ، فكيف ينازع حفيد النبي ووريثه على منصبه ومقامه!! وهناك باعث آخر من بواعث استغراب الإمام على منازعة معاوية له ، وهو أن معاوية ليس له فضل فى الدين معروف ، ولا أثر في الإسلام محمود ، وليست أي موهبة أو فضيلة حتى يستحق هذا المنصب العظيم في الإسلام.
٤ ـ وذكر (ع) لمعاوية عموم البيعة له بعد وفاة أبيه وان الأمّة قد أجمعت على مبايعته وعلى الانقياد إليه وهي حجة بالغة لو وعاها معاوية ورجع الى منطق الحق والصواب.
ولما وصلت رسالة الإمام الى معاوية أجاب عنها بجواب يلمس فيه المكر والخداع ، وهذه صورته :
« أما بعد : فقد فهمت ما ذكرت به رسول الله (ص) وهو أحق الأولين والآخرين بالفضل كله ، وذكرت تنازع المسلمين الأمر بعده ، فصرّحت بتهمة أبي بكر الصديق وعمر وأبي عبيدة الأمين وصالحاء المهاجرين فكرهت لك ذلك إن الأمّة لما تنازعت الأمر بينها رأت قريشا أخلقها به ، فرأت قريش والأنصار وذوو الفضل والدين من المسلمين أن يولوا من قريش أعلمها بالله وأخشاها له وأقواها على الأمر فاختاروا أبا بكر ولم يألوا (١) ولو علموا مكان رجل غير أبي بكر يقوم مقامه ، ويذب عن حرم الإسلام ذبه ، ما عدلوا بالأمر الى أبي بكر ، والحال اليوم بيني وبينك على ما كانوا عليه
__________________
(١) لم يألوا : أي لم يقصروا.