فانبرى إليه منكرا سبه للإمام قائلا :
« يا مغيرة ، ألم تعلم أن رسول الله (ص) نهى عن سب الأموات؟
فلم تسب عليا وقد مات؟ » (١).
وخطب بسر بن أبي ارطاة الأثيم المجرم في البصرة فشتم أمير المؤمنين عليهالسلام على المنبر ، ثم التفت الى الناس فقال لهم :
« ناشدت الله رجلا علم أني صادق إلا صدقني أو كاذب إلا كذبني ».
فقال أبو بكرة :
« اللهم لا نعلمك إلا كاذبا!! ».
فطاش عقل بسر وأمر بأبي بكرة فخنق ثم أنقذوه منه (٢).
وعلى أي حال ، فإن هؤلاء الناقمين على معاوية كانوا مدفوعين بدافع الحرص على كرامة الإسلام المتمثلة في الإمام أمير المؤمنين ، فقد رأوا أن معاوية قد عمد الى إبادة مآثر الإمام ، فاندفعوا الى الإنكار عليه.
لقد حاول معاوية وأتباعه القضاء على أمير المؤمنين ، وتحطيم شخصيته الرفيعة ، ولكن الله بارادته الأزلية قد حكم ببقاء الحق وخلوده. وبزوال الباطل وانعدامه ، وإنه وإن انتصر على الحق زمانا ، فان انتصاره لا بد أن يتلاشى كما يتلاشى الدخان في الفضاء ، فها هو أمير المؤمنين قد استوعب ذكره جميع لغات الأرض ، وعجت المحافل والنوادي بذكره ومدحه ، وبالافتخار والاعتزاز بشخصيته المقدسة ، وها هو قبره الشريف قد أصبح كعبة للوافدين وملجأ للملهوفين ، وملاذا للمؤمنين ، تؤمه الملايين من المسلمين
__________________
(١) الأغاني ٦ / ٢ ، شرح ابن أبي الحديد ١ / ٣٦٠.
(٢) الطبري ٦ / ٩٦.