وقد تركت نوادي دمشق ومحافلها مشغولة بها ترددها مقرونة بالإكبار والتقدير للإمام ، وبالاستهانة والاحتقار لخصومه ، وفيما يلي نصوصها :
١ ـ وأقبل معاوية على الإمام (ع) فقال له :
« يا حسن ، أنا خير منك!! »
ـ وكيف ذاك يا ابن هند؟!!
ـ لأن الناس قد أجمعوا عليّ ، ولم يجمعوا عليك.
وحيث أن الامرة لم تكن في الإسلام موجبة للتمايز ، وإنما توجبه التقوى وعمل الخير ، وقد انبرى (ع) مبطلا دعوى معاوية :
« هيهات!! لشر ما علوت به يا ابن آكلة الأكباد ، المجتمعون عليك رجلان ، بين مطيع ومكره ، فالطائع لك عاص لله ، والمكره معذور بكتاب الله ، وحاشا لله أن أقول أنا خير منك لأنك لا خير فيك ، فان الله قد برّ أني من الرذائل كما برّأك من الفضائل » (١).
ان هذا هو منطق الثورة ، ومنطق الأحرار الذين يشجبون الظلم ، ويقاومون المنكر ، وليس هذا هو منطق من يريد العطاء والأموال.
٢ ـ ودخل الإمام على معاوية ، فلما رأى ابن العاص ما في الإمام من عظيم الهيبة والوقار ساءه ذلك ، وتميز من الغيظ والحسد فاندفع قائلا :
« قد جاءكم الفهه العي ، الذي كأن بين لحييه عقله. »
وكان عبد الله بن جعفر حاضرا فلذعه قوله فصاح به :
« مه ، والله لقد رمت صخرة ململمة ، تنحط عنها السيول ، وتقصر دونها الوعول ، ولا تبلغها السهام ، فإياك والحسن إياك ، فانك لا تزل راتعا في لحم رجل من قريش ، ولقد رميت فما برح سهمك ، وقدحت
__________________
(١) روضة الواعظين لأبي علي النيسابوري.