بعلم الفقه وقد سبقني جماعة الى التعليم بعدة سنين فحفظت في نحو سنة ما كان عندهم وفضلت عليهم ... وابتدأت بحفظ الجمل والعقود ... وكان الذين سبقوني ما لأحدهم إلا الكتاب الذي يشتغل فيه وكان لي عدة كتب في الفقه من كتب جدي ورام ، انتقلت إليّ من والدتي رضي الله عنها بأسباب شرعية في حياتها فصرت أطالع بالليل كل شيء يقرأ فيه الجماعة الذين تقدموني بالسنين وانظر كل ما قاله مصنف عندي واعرف ما بينهم من الخلاف على عادة المصنفين وإذا حضرت مع التلامذة بالنهار أعرف ما لا يعرفون واناظرهم .... وفرغت من الجمل والعقود .. وقرأت النهاية فلما فرغت من الجزء الأول منها استظهرت على العلم بالفقه حتى كتب شيخي محمد بن نما خطه لي على الجزء الأول وهو عندي الآن ... فقرأت الجزء الثاني من النهاية أيضا ومن كتاب المبسوط وقد استغنيت عن القراءة بالكلية .. وقرأت بعد ذلك كتبا لجماعة بغير شرح ، بل للرواية المرضية ... وسمعت ما يطول ذكر تفصيله (١).
وقد كان رضي الدين علي ورعا تقيا كثير الاحتياط ، يقف عند ادنى شبهة حتى انه ترك الفتيا وتحرج عنها بل تعدى ذلك الى انه لم يصنف كتابا في الفقه. قال هو بنفسه في ذلك :
طلبني الخليفة المستنصر ـ جزاه الله عنا خير الجزاء ـ للفتوى ، على عادة الخلفاء فلما وصلت الى باب الدخول .. تضرعت الى الله عز وجل وسألته أن يستودع مني ديني وكل ما وهبنيه ، ويحفظ علي كل ما يقربني من مراضيه فحضرت فاجتهد بكل جهد بلغ توصله إليه أنني أدخل في فتواهم فقواني الله جل جلاله على مخالفتهم والتهوين بنفسي (٢).
__________________
(١) كشف المحجة : ١٠٩ / ١٢٩ / ١٣٠.
(٢) كشف المحجة : ١١١.