بالجنة ، وقيل : الحسنى : السعادة « اولئك عنها معبدون لا يسمعون حسيسها » أي يكونون بحيث لا يسمعون صوتها الذي يحس « وهم فيها اشتهت أنفسهم » من نعيم الجنة وملاذها « خالدون » أي دائمون ، ويقال : إن الذين سبقت لهم منا الحسنى عيسى وعزيز ومريم ، وملائكة الذين عبدوا من دون الله وهم كارهون استثناهم الله من جملة ما يعبدون من دون الله ، وقيل إن الآية عامة في كل من سبقت له الموعدة بالسعادة.
وفي قوله تعالى : « فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار » (١) قال ابن عباس : حين صاروا إلى جهنم البسوا مقطعات النيران ، وهي الثياب القصار ، وقيل : يجعل لهم ثياب نحاس من نار وهي أشد ما يكون حرا عن سعيدبن جبير ، وقيل : إن النار تحيط بهم كإحاطة الثياب التي يلبسونها « يصب من فوق رءوسهم الحميم » أي الماء المغلي فيذيب ما في بطونهم من الشحوم ويتساقط الجلود ، وفي خبر مرفوع أنه يصب على رؤسهم الحميم فينفذ إلى أجوافهم فيسلت مافيها (٢) « يصربه مافي بطونهم والجلود » أي يذاب وينضج بذلك الحميم مافيها من الامعاء وتذاب به الجلود ، والصهر : الاذابة « ولهم مقامع من حديد » قال الليث : المقمعة : شبه الجرز (٣) من الحديد يضرب بها الرأس وروى أبوسعيد الخدري قال : رسول الله صلىاللهعليهوآله في قوله : « وله مقامع من حديد » : لووضع مقمع من حديد في الارض ثم اجتمع عليه الثقلان ما أقلوه من الارض.
وقال الحسن : إن النار ترميهم بلهبها حتى إذا كانوا في اعلاها ضربوا بمقامع
____________________
(١) قال السيد الرضي رضوان الله عليه : المراد بها أن النار ـ نعوذبالله منها ـ تشتمل عليهم اشتمال الملابس على الابدان حتى لا يسلم منها عضو من أعضائهم ولا يغيب عنها شئ من اجسادهم ، وقد يجوز أيضا أن يكون المراد بذلك ـ والله أعلم ـ أن سرابيل القطران التي ذكرها الله سبحانه نقال : (سرابيلهم من قطران ) إذا لبسوها واشتعلت النار فيهاصارت كانها ثياب من نارلا حاطتها بهم واشتما لها عليهم.
(٢) أى فيقطع مافيها.
(٣) الجرز : العمود.