قال الطبرسي رحمهالله في قوله : « إنه من يأت ربه مجرما » قال ابن عباس في رواية الضحاك : المجرم : الكافر ، وفي رواية عطاء يعني الذي أجرم وفعل مثل مافعل فرعون « فإن له نار جهنم لا يموت فيها » فيستريح العذاب « ولايحيى » حياة فيها راحة ، بل هو معاقب بأنواع العقاب.
وفي قوله تعالى : « إنكم وما تعبدون من دون الله » يعني الاوثان « حصب جهنم » أي وقودها ، عن ابن عباس ، وقيل : حطبها ، وأصل الحصب : الرمي ، فالمراد أنهم يرمون فيها كما يرمى بالحصى ، ويسأل على هذا فيقال : إن عيسى عليهالسلام عبد ، والملائكة قد عبدوا والجواب أنهم لا يدخلون في الآية لان « ما » لمالا يعقل ، ولان الخطاب لاهل مكة وإنما كانوا يعبدون الاصنام.
فإن قيل : وأي فائدة في إدخال الاصنام النار؟ قيل : يعذب بها المشركون الذين عبدوها فتكون زيادة في حسرتهم وغمهم ، ويجوز أن يرمى بها في النار توبيخا للكفار حيث عبدوها وهي جماد لاتضر ولا تنفع ، وقيل : إن المراد بقوله : « وماتعبدون من دون الله » الشياطين الذين دعوهم إلى عبادة غيرالله فأطاعوهم ، فكأنهم عبدوهم ، كما قال : « يا أبت لا تعبد الشيطان ».
« أنتم لها واردون » خطاب للكفار ، أي أنتم في جهنم داخلون ، وقيل : إن معنى لها إليها « لوكان هؤلاء » الاصنام والشياطين « آلهة » كما تزعمون « ماوردوها » أي ما دخلوا النار « وكل » من العابد والمعبود « فيها خالدون لهم فيها زفير » أي صوت كصوت الحمار ، وهو شدة تنفسهم في النار عند إحراقها لهم « وهم فيها لا يسمعون » أي لا يسمعون مايسرهم ولا ما ينتفعون به ، وإنما يسمعون صوت المعذبين وصوت الملائكة الذين يعذبونهم ويسمعون ما يسوؤهم ، وقيل : يجعلون في توابيت من نار فلا يسمعون شيئا ولا يرى أحد منهم أن في النار أحدا يعذب غيره ، عن ابن مسعود ، قالوا : ولما نزلت هذه الآية أتى عبدالله بن الزبعرى إلى رسول الله (ص) فقال : يا محمد ألست تزعم أن عزيزاً رجل صالح ، وأن عيسى رجل صالح ، وأن مريم امرأة صالحة؟ قال : بلى ، قال : فإن هؤلاء يعبدون من دون الله فهم في النار؟! فأنزل الله تعالى : « إن الذين سبقت لهم منا الحسنى » أي الموعدة