الكتاب
( لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ
مِنْ دُونِها سِتْراً ) هي الأبنِيةُ ؛ لأَنَّ أَرضَهُم لا يثبُتُ عليها بناءٌ ،
أَو لأَنَّهُم لم يعلَمُوا صنعةَ بِنَاءِ البُيُوتِ ، فلَمْ يكُنْ لهُم ما يمنَعُ
شُعاعَ الشَّمسِ ويدفَعُ حَرَّها عنهُم ، بل إِذا طَلَعَتِ الشَّمسُ دخَلُوا فِي
أَسْرَابٍ لَهُم وإِذا غَرَبَت خَرَجُوا واشتَغَلُوا بتحصيلِ المعاشِ ، فحالُهُم
بالضِّدِّ من أَحوالِ سَائِرِ الخَلقِ. وعن مُجَاهِدٍ : إنَ السِّتْرَ اللِّباسُ ،
وإِنَّهُم عُرَاةٌ .
( حِجاباً مَسْتُوراً ) ذَا سَتْرٍ ؛
كمَرْطُوبٍ أَي ذُو رُطُوبَةٍ ، ومَهُولٍ أَي ذُو هَوْلٍ. وقال الأخفَشُ : هو
مَفْعُولٌ بمعنى فَاعِل ؛ كمَشُؤُوم ومَيْمُون . أَو هُو حجابٌ يخلُقُه في أَعيُنِهِم يمنَعُهُم عنْ رؤيةِ
النّبِيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وذلك الحِجابُ شيءٌ غيرُ مرئيٍّ ، فهُوَ مَسْتُورٌ ، أَو المُرادُ حِجابٌ
مِنْ دُونِهِ حِجَابٌ أَو حُجُبٍ ، فهُوَ مستُورٌ بغيرِهِ ، أَو حِجَابٌ يَسْتُرُ
أَنْ يُبْصَرَ ، فكيفَ يُبْصِرُ المُحْتَجِبُ بِهِ؟.
( وَما كُنْتُمْ
تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ ) الآية أَي ما كانَ
اسْتِتَارُكُم في الدُّنيا عندَ ارتِكَابِ الفواحِشِ مخافةَ أَنْ تشهَدَ
جَوارِحُكُم بذلكَ كما كُنتُم تستَتِرُونَ منَ النَّاسِ مخافَةَ الفَضِيحَةِ
بينَهُم ، بل لم يَكُن في اعتِقَادِكُم أَنَّها تَشْهَدُ عليكُمْ.
الأثر
(
إِنَّ اللهَ حَيِيٌ سَتِيرٌ ) فَعِيلٌ بمعنَى
فَاعِل ، مَثَّلَ تَركَهُ تعالى فضيحةَ عبدِهِ إذا ارتَكَب معصيةً بتَرْكِ مَنْ
يترُكُ فضيحةَ مَنْ يَرَاهُ عَلَى فاحِشَةٍ حَياءً منه وسَتْراً لَهُ.
(
وكَانَ رَجُلاً سِتِّيراً ) كسِكِّينٍ أَو
__________________