عَمَلِهِ ، والثَّناءُ عليهِ بالقَوْلِ ، والإِتيانُ بأَفعالٍ تَكُونُ مُكافَأَةً لِلإِحْسانِ ، وَاللهُ تَعَالَى يَعْلَمُ كَوْنَهُم مُحْسِنينَ في تِلكَ الأَعمالِ ، ويُثْني عليهم بِكَلامِهِ ، ويُكافِئُهُم بِأَحسَنِ الثَّوابِ ؛ ومنهُ : ( كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً ) (١).
( اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ ) (٢) « شُكْراً » مَفْعُولٌ لَهُ ؛ أَيِ اعمَلُوا للهِ واعْبُدُوهُ على طَريقِ الشُّكْرِ ، أَو حالٌ ؛ أي شَاكِرينَ ، أَو مَصْدَرٌ ؛ لأَنَّ في « اعْمَلُوا » مَعْنى « اشْكُرُوا » من حَيثُ إِنَّ العَمَلَ للمنْعِمِ شُكْرٌ لَهُ ، أَو مَفْعُولٌ بِهِ. ولَمْ يَقُلِ : اشْكُرُوا ، ليُنَبِّهَ على التِزامِ الأَنواعِ من الشُّكْرِ بالضَّميرِ واللِّسانِ وَسَائِرِ الجَوارِحِ. والشَّكُورُ : المُتَوَفِّرُ على أَداءِ الشُّكْرِ البَاذِلُ وُسْعَهُ فيهِ ـ اعتِقاداً واعتِرافاً وكَدْحاً ـ أَكثَرَ أَوقاتِهِ.
( إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ) (٣) أَوضَحْنَا لَهُ بإِتيانِهِ العَقْلَ السَّليمَ سَبيلَ الهُدَى والضَّلَالَةِ ، فَيَكُونُ إِمَّا شَاكِراً لِنِعْمَةِ الهِدَايَةِ سَالِكاً سَبِيلَها ، وإِمَّا كافِراً لها سَالِكاً سَبِيلَ الضَّلالةِ.
الأثر
( الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ كَالصَّائِمِ الصَّابِرِ ) (٤) وذلِكَ لانقِسامِ الإِيمانِ إِلى الشُّكْرِ والصَّبْرِ كما جاءَ في الحَدِيثِ (٥) ، فإِذا طَعِمَ العَبْدُ فَذلِكَ مِمَّا تُحِبُّهُ النَّفْسُ وتُؤْثِرُهُ ؛ فإِذا شَكَرَتْ فقد أَتَت بِنِصْفِ ما اقتَضَاهُ إِيمانُهُ ، وإِذا جاعَتْ فذلِكَ ممَّا تَكْرَهُهُ وتَتَأَذَّى بهِ ؛ فإِذا صَبَرَتْ فقد أَتَتْ بالنِّصْفِ الباقي ، وعلى هذا جميعُ أَحوالِ العَبْدِ في السَّرَّاءِ والضَّرَّاءِ.
__________________
(١) الإسراء : ١٩.
(٢) سبأ : ١٣.
(٣) الإنسان : ٣.
(٤) مسند أحمد ٢ : ٢٨٣ ، البخاري ٧ : ١٠٦ ، سنن الدّارمي ٢ : ٩٥ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٦١ / ١٧٦٤.
(٥) عن أنس عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « الإيمان نصفان فنصف في الصّبر ونصف في الشّكر » الدّر المنثور ١ : ١٦٠.