أَي جُعِلَ شِعاراً وَعَلامَةً لِلنُّسُكِ من مَواقِفِ الحَجِّ ومَرامي الجِمَارِ والمَطَافِ والمَسْعَى ، والأَفعالِ الَّتي هي عَلاماتُ الحَجِّ يُعْرَفُ بها مِنَ الإِحرامِ والطَّوَافِ والسَّعْيِ والحَلْقِ والنَّحْرِ ..
ومنهُ : ( لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ ) (١) أَي لا تَتَهاوَنُوا بِحُرْمَتِها ..
وقَوْلُهُ تَعَالى : ( وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ ) (٢) أَي الهَدايا الَّتي أُشْعِرَتْ لِلحجِّ ، وتَعْظِيمُها أَن يَخْتارَها عِظَامَ الأَجرامِ حِسَاناً ( سماناً ) (٣) غَاليَةَ الأَثمَانِ ، أَوِ المُرادُ بِها أَعلامُ الشَّرِيعَةِ الَّتي شَرَّعَها اللهُ ونَصَبَها لطاعَتِهِ ؛ وتَعْظِيمُها التِزامُها وعَدَمُ التَّهاوُنِ بِهِ ..
ومنهُ قَوْلُهُ تَعالَى : ( وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللهِ ) (٤) أَي من مَعالِمِ دِينِهِ ، أَو من مَعالِمِ الحَجِّ ، وإِضَافَتُها إلى اسمِهِ الكَريمِ تَعْظِيمٌ لَهَا.
( وَأَنَّهُ هُوَ رَبُ الشِّعْرى ) (٥) يَعْنِي العَبُور ، واختِصاصُها بالذِّكْرِ دُونَ سائِرِ النُّجُومِ لأَنَّ قَوْماً من العَرَبِ كانُوا عَبَدُوها فَأنْزَلَ تَعالى : ( هُوَ رَبُ الشِّعْرى ) ؛ الَّتي ادُّعِيَتْ فِيها الرُّبُوبِيَّةُ ، وكانَ أَوَّلَ مَنْ عَبَدَها رَجُلٌ مِنْ خُزاعَةَ يُعْرَفُ بابْنِ أَبيِ كَبْشَةَ كَما سَيَأتي في « ك ب ش ».
( وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ ) (٦) رَدٌّ لِقَولِهِمْ أَنَّ ما أَتَى بهِ مِنَ القُرآنِ شِعْرٌ وأَنَّ مُحَمَّداً صلىاللهعليهوآلهوسلم شَاعِرٌ ، أَي وما عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ بِتَعْلِيمِ القُرْآنِ وما يَنْبَغي لِلقُرآنِ أَن يَكُونَ شِعْراً ؛ فَإِنَّ نَظْمَهُ لَيْسَ بِنَظْمِ الشِّعْرِ ، أَو ما أَعطَيْنَاهُ العِلْمَ بالشِّعْرِ وإِنْشائِهِ وما يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقُولَهُ مِنْ نَفْسِهِ ، أَو ما يَتَأَتَّى لهُ الشِّعْرَ ولا يَتَسَهَّلُ لهُ ؛ حَتَّى أَنَّهُ كانَ إِذا تَمَثَّلَ بِبَيْتٍ مِنَ الشِّعْر جَرَى على لِسانِهِ مُنْكَسِراً غَيْرَ مُتَّزِنٍ ، فَأَمَّا قَوْلُهُ :
__________________
(١) المائدة : ٢.
(٢) الحج : ٣٢.
(٣) ليست في « ع ».
(٤) الحج : ٣٦.
(٥) النّجم : ٤٩.
(٦) يس : ٦٩.