من شُيوخ السَّمعانِيّ.
بثر
البَثْرُ ، كفَلْسٍ ويُحَرَّكُ : أَورَامٌ صِغَارٌ دَقيقَةٌ ، أَو هي ما تَفَتَّحَ معها سَطْحُ الجِلْدِ سَوَاءٌ تَقَدَّمَها وَرَمٌ أَو لَا ، واحِدَتُهَا بِهَاءٍ. الجَمعُ : بُثُورٌ ، كتُمُورٍ.
وقَالَ الفِيروزآبادِيُّ : هُوَ خُرَاجٌ صَغيرٌ ، وقَوْلُ الجوهرِيِّ : صِغَارٌ ، غَلَطٌ ، ( انتهى ) (١).
وهذا من سَقْطَاتِهِ العَجِيبَةِ وغَلْطَاتِهِ الغَرِيَبةِ ، وأيُّ فَرْقٍ بَيْنَ قَوْلِهِ : « خُرَاجٌ صَغِيرٌ » وبَيْنَ قَوْلِ الجَوْهَرِيّ : « خُرَاجٌ صِغَارٌ » إِذا كانَ الخُراجُ اسمَ جِنْسٍ كالنَّخْلِ ؛ وَقَدْ قَالَ تَعَالى : ( نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ ) (٢) على اللَّفظِ و : ( نَخْلٍ خاوِيَةٍ ) (٣) على المعنى ، وهذا مِمَّا لا يَخْفَى على صغارِ الطَّلَبَةِ.
فَإِن زَعَمَ أَنَّ الخُرَاجَ مُفْرَدٌ كما هو ظاهِرُ كَلامِهِ فقد خالَفَ المَنْصوصَ عليهِ من أَئِمَّةِ اللُّغَةِ ؛ قَالَ المُطَرِّزِيُ فِي المُغْرِب : الخُرَاجُ ، بالضَّمِّ : البُثُرُ الوَاحِدَةُ خُرَاجَةٌ وبَثْرَةٌ (٤). وكذلكَ قال غَيْرُهُ (٥).
وخالَفَ نَفْسَهُ أَيضاً في تفسيرِهِ لَهُ فِي بابِ الجيمِ حَيْثُ قَالَ : الخُرَاجُ. كالغُرَاب : القُرُوحُ. وفي قولِهِ هُنا : البَثْرُ خُرَاجٌ صَغِيرٌ ، وإِلاَّ فَكَيْفَ ساغَ أَن يُفَسَّرَ مُفْرَدٌ بالجمعِ والجمعُ بالمُفْرَدِ؟! وَهل هو إلاَّ كقَوْلِكَ : العَذْقُ ـ بالفَتْحِ ـ النَّخْلُ ، والنَّخْلُ العَذْقُ ؛ وهُوَ الوَاحِدَةُ مِنَ النَّخْلِ ، وكَقَوْلِكَ : الرَّجُلُ القَوْمُ ، والقَوْمُ الرَّجُلُ؟! وهو ظاهرُ الفسادِ. فَقَدْ بَانَ لَكَ أَنَّه فِي ذلكَ ( عَثِيثَةٌ تَقْرِمُ جِلْداً أَمْلَساً ) (٦) لا بَل ( خَرْقاءُ ذَاتُ نِيْقةٍ ) (٧) وَمَا صِنَاعَتُهَا بِأَنِيقَة.
__________________
(١) ليست في « ع ».
(٢) القمر : ٢٠.
(٣) الحاقة : ٧.
(٤) المغرب في ترتيب المعرب ١ : ١٥٤.
(٥) انظر المصباح المنير : ١٦٦.
(٦) مَثَلٌ يضرب للرّجل يجتهد في شيءٍ لا يقدر عليه. الطّراز ( عثث ).
(٧) مثل يضرب للجاهل بالأمر ومع ذلك يدّعي المعرفة ، مجمع الأمثال ١ : ٢٣٧.