ووصفاً بأَنَّهُ لا يُلازِمُ تِلاوَةَ القُرآنِ ولا يواظِبُ عليها مُلازَمَةَ النّائمِ لِوِسادِهِ ، ومنهُ قولُ أَبي الدَّرداءِ : تَتَوَسَّدُ العِلْمَ خَيْرٌ مِنْ أَن تَتَوَسَّدَ الجَهْلَ (١).
( إنَ وِسادَكَ إذَنْ لَعَريضٌ ) (٢) تَعريضٌ لَهُ بالبَلادَةِ كما في حَديثٍ آخَرٍ : ( إنّك لَعَرِيضُ القَفا ) (٣) ، لأَنّ وسادَ المَرءِ على قدرِ قفاهُ. وقيلَ : الوِسادُ هنا النَّوْمُ ، أَي إنَّ نَومَكَ لكثيرٌ. وقيلَ : معناهُ إِنَّكَ غَليظُ الرَّقَبَةِ وافِرُ اللَّحْمِ ؛ لأَنَّ مَن أكَلَ بعدَ الصُّبْحِ لم يَنْهَكْهُ الصَّومُ ، وهُما بَعيدانِ في التَّأويلِ ، والمعتمدُ الأوَّلُ.
( إذا وُسِّدَ الأمْرُ إلى غَيْرِ أهْلِهِ ) (٤) بالبناءِ للمجهولِ من التَّوسيدِ ، أَي جُعِلَ إليهم وقُلِّدُوهُ ، يعني الإمارَةَ والحكمَ. وقيلَ : معناهُ إذا وُضِعَتْ وِسادَةُ المُلْكِ والأَمرِ والنَّهيِ لغير مُسْتَحِقِّها ، و « إلى » بمعنى « اللاّمِ ».
( صاحِبُ الوِسادِ ) (٥) ويُرْوى : ( الوِسادَةِ ) (٦) هو عبدُ اللهُ بنُ مسعودٍ ؛ لأنَّهُ كانَ يحملُ وسادَةَ النَّبيِّ صلىاللهعليهوآله إذا احتاجَ ، وفي رواية : ( صاحِبُ السِّرِّ ) (٧).
( فَاضْطَجَعْتُ في عَرْضِ الوِسادَةِ ) (٨) هي ههنا الفِراشُ.
المثل
( قُرْبُ الوِسادِ وَطُولُ السِّوادِ ) (٩) قالتْهُ هِنْدٌ بنتُ الخُسِّ ، وكانت من أَعقَلِ النِّساءِ وأَفصَحِهِنَّ فَزَنَتْ فقيلَ لها : ما حَمَلَكِ على الزِّناءِ مع عقلِكِ وشرفِكِ؟ فقالتْ هذهِ المقالةَ ، والسِّوادُ ـ بالكسرِ ـ
__________________
(١) الفائق ٤ : ٥٩ ، النَّهاية ٥ : ١٨٣.
(٢) و (٣) الفائق ٤ : ٦٠ ، النَّهاية ٥ : ١٨٢.
(٤) غريب الحديث لابن الجوزي ٢ : ٤٦٧ ، النَّهاية ٥ : ١٨٣.
(٥) مسند أحمد ٦ : ٤٤٩ ، مسند أبي عوانه ٢ : ٤٩٢.
(٦) انظر فتح الباري ١١ : ٥٨.
(٧) المعروف ان صاحب السِّرِّ حذيفة بن اليمان انظر المصادر ، وفي عمدة القاري ٢ : ٢٩١ : وأما أبو عمر فإنّه يقول : كان يعرف بصاحب السّواد أي صاحب السّرّ.
(٨) الموطأ ١ : ١٢١ ، مسند أحمد ١ : ٢٤٢ ، البخاري ١ : ٥٧.
(٩) مجمع الأَمثال ٢ : ٩٣ / ٢٨٤٣.