واحِدَةٍ ، وهي أَنْ تنهضوا بهِممكم خالِصاً لوجهِ اللهِ مُتَفَرِّقينَ اثنينِ اثنين وواحِداً وواحِداً ، فَإِنَّ ما فوقَ ذلِكَ يُفضي إلى الازدحامِ المشوِّشِ للرَّأيِ ، ( ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ) في أَمرِ مُحَمَّدٍ صلىاللهعليهوآله ، وما جاءَ بهِ ، فَيَعْرِضُ كلٌّ من الاثنَينِ محصولَ فكرِهِ على صاحِبِهِ من غيرِ عصبيَّةٍ ، ويُفَكِّرُ الواحِدُ المُنْفَرِدُ في نفسِهِ بعدلٍ ونَصَفَةٍ ؛ لِيُؤدِّيَ بِكُمُ التَّفَكُّرُ على هذا الوَجْهِ إلى أَنَّ هذا الأمرَ العظيمَ لا يَتَصَدَّى لِادِّعائِهِ إِلاّ أحَدُ رَجُلَيْنِ : إمّا مَجْنون لا يُبالي بافتِضاحِهِ إذا طُولِبَ بالبُرهانِ ، وإمّا عاقلٌ خصَّهُ اللهُ بسوابِقِ الفضلِ والامتنانِ ؛ لتكميلِ نوعِ الإنسانِ ، لكنَّ مُحَمَّداً صلىاللهعليهوآله بالاتِّفاقِ أَرجَحُ النّاسِ عقلاً ، وأَصدقهم قولاً ، وأوفرهم فضلاً ، فما هو إلاّ النَّبيُّ المُنْتَظَرُ في آخِرِ الزَّمان المَبْعُوثُ بين يَدي عَذابٍ شَديدٍ ، هو القيامَةُ وأَهوالها.
( وَما أَمْرُنا إِلاَّ واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ ) (١) أَي كَلِمَةٌ واحِدَةٌ وهي « كُنْ » ، أَو فِعْلَةٌ واحِدَةٌ وهي الإيجادُ بِلا معالجةٍ كلَمْحِ البَصَرِ في السُّرعَةِ.
الأثر
( شَرُّ أُمَّتي الوَحْدانِيُ المُعْجِبُ بِدينِهِ ) (٢) يُريدُ بهِ المُنْفَرِدَ بنفسِهِ المفارِقَ للجماعَةِ نسبةٌ إلى الوَحْدَةِ ، والألفُ والنُّونُ مزيدتان للمبالغةِ.
( كانَ رَجُلاً مُتَوَحِّداً ) (٣) مُتَفَرِّداً لا يُجالِسُ النّاسَ ولا يُخالِطُهُم.
( لَقَدْ أوْحَدَتْ بِهِ ) (٤) أي ولَدَتْهُ أُمُّهُ وَحيداً لا نظيرَ لهُ.
( الواحِدُ بِلا تَأْويلِ عَدَدٍ ) (٥) أي ليس بِمعنى كونِهِ مَبْدَأً لكثرةٍ تُعَدُّ بِهِ ، كما يُقالُ في مَبْدَأ العَدَدِ : واحِدٌ.
__________________
(١) القمر : ٥٠.
(٢) الفائق ٣ : ١١٦ ، النَّهاية ٥ : ١٦٠ وفيهما : شرار.
(٣) كتاب الزّهد : ٢٥٤ / ٨٥٣ ، النَّهاية ٥ : ١٦٠.
(٤) الفائق ٢ : ١١٣ ، النَّهاية ٥ : ١٦٠.
(٥) الكافي ١ : ١٤٠ / ٥ ، مجمع البحرين ٣ : ١٥٧.