معرض الضياع من الأهل والمال وغيرهما . وقال في النهاية : وضيعة الرجل : ما يكون منه معاشه كالصنعة والتجارة والزراعة وغيرها ، ومنه الحديث : أفشى الله ضيعته أي أكثر عليه معاشه انتهى ، فيحتمل أن يكون المراد صرّفت عنه ضياعه وهلاكه بتضمين معنى الإشفاق ، أو يكون « على » بمعنى « عن » ، أو صرّفت عنه كسبه بأن لا يحتاج إليه ، أو جمعت عليه معيشته أو ما كان منه في معرض الضياع ، كما قال في النهاية : لا يكفّها أي لا يجمعها ولا يضمّها ، ومنه الحديث : المؤمن أخ المؤمن يكفُّ عليه ضيعته أي يجمع عليه معيشته ويضمّها إليه . وهذا المعنى أظهر لكن ما وجدت الكفّ بهذا المعنى إلّا في كلامه (١) .
وقوله تعالى : وكنت له من وراء تجارة كلّ تاجر . يحتمل وجوهاً : الأوّل : أن يكون المراد كنت له عقب تجارة التجّار لأسوقها إليه . الثاني : أن يكون المراد أنّي أكفي مهمّاته سوى ما أسوق إليه من تجارة التاجرين . الثالث : أن يكون معناه : أناله عوضاً عمّا فاته من منافع تجارة التاجرين . ولعلّ الأوّل أظهر .
يا هشام الغضب مفتاح الشرّ ، وأكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خُلقاً ، وإن خالطت الناس فإن استطعت أن لا تخالط أحداً منهم إلّا من كانت يدك عليه العليا فافعل .
بيان : اليد العليا : المعطية أو المتعفّفة .
يا هشام عليك بالرفق ، فإنّ الرفق يمنٌ والخرق شؤمٌ (٢) إنّ الرفق والبرّ و حسن الخلق يعمّر الديار ، ويزيد في الرزق .
بيان : قال الفيروزآباديّ : الخرق بالضمّ وبالتحريك : ضدّ الرفق ، وأن لا يحسن العمل ، والتصرُّف في الأمور ، والحمق .
يا هشام قول الله : هل جزاء الإحسان إلّا الإحسان جرت في المؤمن والكافر ، والبرّ والفاجر ، من صنع إليه معروف فعليه أن يكافىء به ، وليست المكافاة أن تصنع
________________________
(١) بل هذا من المعاني التي ضبطها كتب اللغة .
(٢) اليمن : البركة . والشؤم : ضده .