أقول : فسّر في بعض أخبارنا الصرف بالتوبة ، والعدل بالفداء كماسيأتي .
يا هشام أفضل ما تقرَّب به العبد إلى الله بعد المعرفة به الصلاة ، وبرُّ الوالدين ، وترك الحسد والعجب والفخر .
بيان : يمكن إدخال جميع العقائد الضروريّة في المعرفة ، لا سيّما مع عدم الظرف كما ورد في الأخبار الكثيرة بدونه .
يا هشام أصلح أيّامك الّذي هو أمامك ، فانظر أيَّ يوم هو ؟ وأعدَّ له الجواب فإنَّك موقوف ومسؤول ، وخذ موعظتك من الدهر وأهله فإنّ الدهر طويلة قصيرة فاعمل كأنّك ترى ثواب عملك لتكون أطمع في ذلك ، واعقل عن الله ، وانظر في تصرُّف الدهر وأحواله فانَّ ما هو آت من الدنيا كما ولىّ منها فاعتبر بها ، وقال عليّ بن الحسين عليهالسلام : إنَّ جميع ما طلعت عليه الشمس في مشارق الأرض ومغاربها بحرها وبرّها وسهلها وجبلها عند وليّ من أولياء الله وأهل المعرفة بحقّ الله كفىء الظلال ثمّ قال : أو لا حرُّ يدع هذه اللّماظة لأهلها ؟ يعني الدنيا ، فليس لأنفسكم ثمن إلّا الجنّة ، فلا تبيعوها بغيرها ، فإنّه من رضي من الله بالدنيا فقد رضي بالخسيس .
بيان : طول الدهر في نفسها لا ينافي قصرها بالنسبة إلى كلّ شخص ، أي خذ موعظتك من الدهور الماضية ، والأزمان الخالية ، ويحتمل أن يكون عمر كلّ شخص باعتبارين .
وقال الفيروزآباديّ : الظّل بالكسر : نقيض الضحّ او هو الفىء ، أو هو بالغداة ، والفىء بالعشى ، الجمع ظلال وظلول (١) وأظلال والظل من كلّ شيء شخصه أو كنّه (٢) ومن السحاب ما وارى الشمس منه ، والظلّة ما أظلّك من شجر ، والظلّة بالضمّ ما يستظلّ به ، والجمع ظلل وظلال . وقال : الفىء : ما كان شمساً فينسخه الظلّ . وقال الطيّبيّ : الظلُّ ما تنسخه الشمس ، والفىء ما ينسخ الشمس . أقول : فيحتمل أن يكون المراد فىء الأشياء ذوات الأظلال ، كالشجر والجدار ونحوهما ، أو المراد التشبيه بالفىء الّذي هو نوع من الظلال ، فانّ الفىء لحدوثه أشبه بالدنيا من سائر الظلال ، أو لما فيه
________________________
(١) ظلال بكسر الظاء . ظلول بضم الظاء .
(٢) بكسر الكاف وتشديد النون : ستر الشيء ووقاؤه .