إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (١) وقال : وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يعقلون (٢) ثمّ ذمَّ الكثرة فقال : وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ (٣) وقال : أكثر الناس لا يعقلون وأكثرهم لا يشعرون .
بيان : ألفينا أي وجدنا . قوله تعالى : أَوَلَوْ كَانَ ، الواو للحال أو العطف ، والهمزة للردّ والتعجّب ، وجواب لو محذوف أي لو كان آباؤهم جهلةً لا يتفكّرون في أمر الدين ولا يهتدون لأتبعوهم . إنّ شرّ الدوابّ ، أي شرّ ما يدبُّ على الأرض أو شرّ البهائم الصمّ عن سماع الحقّ وقبوله ، البكم عن التكلّم به ، وقوله : بل أكثرهم لا يعقلون ليس في قرآننا ، وهذه الآية في سورة لقمان ، وفيها : بل أكثرهم لا يعلمون . ولعلّه كان في قرآنهم كذلك (٤) ، وكذا ليس في هذا القرآن وأكثرهم لا يشعرون . فإمّا أن يكون هذا كلامه عليهالسلام أو أنّه أورد مضمون بعض الآيات . والضمير راجع إلى كفّار قريش وهم كانوا قائلين بأنّ خالق السماوات والأرض هو الله تعالى ، لكنَّهم كانوا يشركون الأصنام معه تعالى في العبادة .
يا هشام ثمّ مدح القلّة فقال : وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (٥) وقال : وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ (٦) وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ (٧)
يا هشام ثمّ ذكر اُولي الألباب بأحسن الذكر ، وحلّاهم بأحسن الحلية ، فقال : يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (٨)
يا هشام إنّ الله يقول : إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ (٩) يعني العقل ،
________________________
(١) الانفال : ٢٢ |
(٢) اللقمان : ٢٥ |
(٣) الانعام : ١١٦ |
(٤) هذا الاحتمال منه رحمه الله مبني على القول بوقوع التحريف في القرآن وقد بينا فساده في محله . بل الحق أن ذلك من خطأ النساخ أو الراوي في ضبطه ، وكيف يمكن أن يستدل عليه السلام بآية لا سبيل للمخاطب على الحصول عليها ولو فرض وقوع التحريف . ط
(٥) سبأ : ١٣ |
(٦) ص : ٢٤ |
(٧) هود : ٤٠ |
(٨) البقرة : ٢٦٩ |
(٩) ق : ٣٦ |