حفص والنجومُ مسخّراتٌ على الابتداء والخبر فيكون تعميماً للحكم بعد تخصيصه ، ورفع ابن عامر الشمس والقمر أيضاً . وقوله تعالى : يُرِيكُمُ . الفعل مصدر بتقدير أن أو صفة لمحذوف أي آية يريكم بها البرق خوفاً من الصاعقة أو تخريب المنازل والزروع أو من المسافرة وطمعاً أي في الغيث والنبات وسقى الزروع أو للمقيم ، ونصبهما على العلّة لفعل لازم للفعل المذكور إذ إراءتهم تستلزم رؤيتهم ، أو للفعل المذكور بتقدير مضاف أي إراءة خوف وطمع ، أو بتأويل الخوف والطمع بالإخافة والإطماع ، أو على الحال نحو كلّمته شفاهاً .
يا هشام ثمّ وعظ أهل العقل ، ورغّبهم في الآخرة ، فقال : وما الحيوة الدنيا إلّا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للّذين يتّقون أفلا تعقلون (١) وقال : وَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (٢)
بيان : وما الحيوة الدنيا أي أعمالها إلّا لعب ولهو يلهي الناس ويشغلهم عمّا يعقّب منفعةً دائمةً . والمتاع مايتمتَّع به .
يا هشام ثمَّ خوَّف الّذين لا يعقلون عذابه فقال : ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِم مُّصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (٣)
بيان : قوله عليهالسلام : عذابه إمّا مفعول لقوله : خوّف أو يعقلون أولهما على التنازع . والتدمير : الإهلاك ، أي بعد ما نجّينا لوطاً وأهله أهلكنا قومه ، وإنّكم يا أهل مكّة لتمرّون على منازلهم في متاجركم إلى الشام ، فإنّ سدوم (٤) في طريقه . مصبحين أي داخلين في الصباح ، وباللّيل أي ومساءاً ، أو نهاراً وليلاً أفليس فيكم عقل تعتبرون به ؟ .
يا هشام ثمَّ بيَّن أنَّ العقل مع العلم فقال : وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (٥)
يا هشام ثمّ ذمَّ الّذين لا يعقلون فقال : وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (٦) وقال تعالى :
________________________
(١) الانعام : ٣٢ |
(٢) القصص : ٦٠ |
(٣) الصافات : ١٣٦ ، ١٣٧ ، ١٣٨ |
(٤) بفتح السين المهملة : قرية قوم لوط |
(٥) العنكبوت : ٤٢ |
(٦) البقرة : ١٧٠ |