وتَطبيقُ المَثَلِ على الحقِّ والباطلِ أَنَّه سُبحانَهُ ( أنزل ) (١) من السَّماءِ بالوَحْيِ بيانَ ما هو الحقُّ ، فَوَعَتْهُ القلوبُ وسالَتْ أَودِيَتُها بقَدَرِها ، فإِنَّ كلَّ قلبٍ إِنَّما يحصُلُ فيه من نُورِ الحقِّ ما يليقُ به على قَدَرِ استعدادِهِ ، ثمَّ أَنَّه يَختلطُ بذلك البيانِ شكوكٌ وشُبُهاتٌ ، ولكِنَّها بالآخِرِ تذهَبُ وتَضَمحِلُّ ويَبقَى العِلمُ واليقينُ ، فَزَبَدُ السَّيلِ والفِلِزِّ مَثَلٌ للباطِلِ في سُرعةِ اضمِحلالِهِ وخلِّوهِ من النَّفْعِ ، والماءُ والفلزُّ الصَّافيان مَثَلٌ للحقِّ في البقاءِ والانتفاعِ بهِ ، واللهُ أَعلمُ.
الأثر
( إِنَّا لَا نَقْبَلُ زبْدَ المُشْرِكينَ ) (٢) كفَلْسٍ ، أَي رِفدَهُم وعطاءَهُم ، ومثلُهُ :
( أَبى اللهُ لِي زَبْدَ المشرِكين ) (٣) وأَصلُهُ من زَبَدَهُ زَبْداً ـ كقَتَلَ ـ إِذا أَطعَمَهُ الزُبْدَ ، ثمَّ استُعمِلَ عامّاً في كلِّ إِعطاءٍ.
المَثلُ
( مَنْ يَرَ الزُّبْدَ يَخَلْهُ مِنْ لَبَنٍ ) (٤) أي يظنُّهُ ، وهو من بابِ استعمالِ الظَّنِّ في معنى اليقينِ. يُضرَبُ للرَّجُلِ يُريدُ أَنْ يُخفِيَ ما لا يُخْفَى ، وقالَ أَبو الهيثمِ : « من يَرَ الزَّبَدَ ... » بفتحتينِ ، فعليهِ يكونُ « يَخَلْهُ » على حقيقتِهِ ، أَي يتوهَّمُ أَنَّه من لَبَنٍ ، والصّحيحُ ما تقدَّمَ.
( اخْتَلَطَ الخَاثِرُ بِالزُّبادِ (٥) (٦). في : « خ ث ر ».
زجد
المُزَجَّدُ ، كمُعَظَّمٍ : لقبُ الشَّيخِ القاضي أَحمدَ بنِ عمرَ الزَّبِيْدِيِّ ؛ من المُتأخِّرين.
__________________
(١) ليست في « ت » و « ش ».
(٢) الفائق ٢ : ١٠٢ ، النّهاية ٢ : ٢٩٣.
(٣) تهذيب الأحكام ٦ : ٣٧٨ / ١١٠٨ ، مجمع البحرين ٣ : ٥٧.
(٤) مجمع الأمثال ٢ : ٣٠٨ / ٤٠٤٦.
(٥) في « ش » : في الزّباد.
(٦) المستقصى ١ : ٩٤ / ٣٦٤.