وإِنْ اتَّسَعَ كَثُرَ.
« فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ » الجاري فيها (١).
« زَبَداً رابِياً » طافياً فوقَهُ.
« وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ » من الأَجسادِ المُتطِّرقةِ ؛ وهي أَنواعُ الفِلِزِّ.
« ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ » لطَلَب اتِّخاذِ حِليةٍ يتَحَلَّونَ بها ـ كالحُلِيِّ من الذَّهَبِ والفِضَّة ـ أَو متاعٍ ينتفعونَ به ، كالأَواني من النُّحاسِ والصُّفْرِ ، ونحوهما.
« زَبَدٌ مِثْلُهُ » أَي يَنْشَأُ منه زَبَدٌ مِثلُ زَبَدِ الماءِ في كونهِ رابياً ؛ وهو الخَبَثُ الَّذي يَعلُوهُ عندَ الغليانِ.
« كَذلِكَ » أَي مِثلُ ذلك الضَّرْبِ البديعِ.
« يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ » أَي الأَمثالَ للحقِّ والباطلِ ، ثمَّ تَمَّمَ (٢) المَثَلَ قائلاً : « فَأَمَّا الزَّبَدُ » أَي من كُلٍّ منهما.
« فَيَذْهَبُ جُفاءً » وهو ما يرميه السَّيلُ ويَقْذِفُهُ القِدْرُ عندَ الغليانِ ، أَي يذهَبُ مَرْمِيَّاً به.
« وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ » أَي من كلٍّ منهما ، كالماءِ الصَّافي والفِلِزِّ الخالصِ.
« فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ » أَمَّا الماءُ فيَثبُتُ بعضُهُ في منافعِهِ ويسلُكُ بعضُهُ في عُرُوقِ الأَرضِ إِلى العيونِ والآبارِ ، وأَمَّا الفِلِزُّ فيُصاغُ من بعضِهِ الحُلِيِّ ، ويُتَّخَذُ من بعضِهِ الأَدواتُ والآلاتُ ، فيُنتفَعُ بكلٍّ من ذلك ضروبَ المنافعِ مُدَّةً متطاولةً.
فالمرادُ بالمَكْثِ في الأَرضِ ما هو أَعمُّ من المَكْثِ في نفسِها أَو في أَيدي أَهلِها ، وحاصلُه : أَنَّ الواديَ إِذا جَرَى طَفَا عليه زَبَدٌ ، فَيَبطُلُ الزَّبَدُ ويبقى الماءُ ، وكذا الأَجسادُ المُتطِّرقَةُ إِذا أُوقِدَ عليها وأُذيبَتْ لاتِّخاذِ الحَلْيِ والأَمتعةِ انفَصَلَ منها خَبَثٌ وزَبَدٌ فيَبطُلُ ويتلاشَى ويَبقَى ذلك الجَوْهَرُ المُنتَفَعُ به.
__________________
(١) في « ش » : فيهما بدل : فيها.
(٢) في « ش » : عمم بدل : تمم.