الكتاب
( لا رَيْبَ فِيهِ ) (١) لَا مجالَ للرِّيبَةِ ولا مَدخلَ للشبهةِ فيه ؛ لأنّه من وضوحِ الدلالةِ وسطوعِ البرهانِ بحيثُ لا ينبغي أن يُرتابَ في حقيقتِهِ وكونِهِ وحياً مُنزَلاً من عندِ اللهِ ، لا أنّه لا يَرتابُ فيه أحدٌ أصلاً ، كيف وكم من مُرْتابٍ فيه.
( وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا ) (٢) أي مُرْتابِينَ في كونِهِ وحياً أنزلَهُ اللهُ ، لا في صحّةِ معانيهِ واستقامةِ أحكامِهِ. والتعبيرُ بالرَّيْبِ مع جزمِهِم بكونِهِ من كلامِ البشرِ كما يُعرِبُ عنه قولُهُ : ( إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ) للتنبيهِ على أنّ جزمَهُم ذلك كالرَّيْبِ الضعيفِ ؛ لكمالِ وضوحِ دلائلِ الإعجازِ فيه.
( فِي شَكٍ ) مُرِيبٍ (٣) مُوقِع في الرَّيْبِ (٤) ، أو ذي رِيبَةٍ ، وكلاهُما إسنادٌ مجازيٌّ.
( لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ ) (٥) سببَ رِيَبةٍ وشكٍّ في الدِّينِ ؛ كأنّه نفسُ الرِّيبَةِ ، أو حسرةً وندامةً ، أو حَزازةً وغيظاً في قلوبِهِم.
( نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ ) (٦) ما يُقلِقُ النفوسَ ويُزعِجُها من حادثِ الموتِ أو حوادثِ الدهرِ. و « المَنُونِ » : المنيّةُ والدهرُ.
( ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا ) (٧) لم يَقَعْ في نفوسِهِم شكٌّ فيما آمنوا به ، ولا اتّهامٌ (٨) لمَن صدّقوهُ واعترفوا بأنّ الحقَّ معه.
__________________
(١) البقرة : ٢.
(٢) البقرة : ٢٣.
(٣) سبأ : ٥٤.
(٤) في « ت » : « يُتَوقَّع فيه الريب ».
(٥) التوبة : ١١٠.
(٦) الطور : ٣٠.
(٧) الحجرات : ١٥.
(٨) في « ت » و « ج » : إِيهامٌ.