تعالى على كلِّ شيءٍ قديرٌ ، أَو إِن تَعْجَبْ مِن قولهم هذا فقد عَجِبْتَ في موضِع العَجَبِ.
( بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ ) (١) أَي بل عَجِبْتَ يا محمَّدُ مِن تكذيبهم وإِنكارهم البعثَ وهم يسخرونَ من تَعَجُّبِكَ ، أَو عَجِبْتَ من القرآنِ حين أُعطيتَهُ ويسخرُ أَهلُ الكفرِ منه.
وقرئَ بضمِّ التّاء (٢) على معنى : قل يا محمَّدُ : بل عَجِبْتُ ، أَو أَنَّهُ مِمَّا يقال عندَهُ : ( عَجِبْتُ ) (٣) ، أَو على معنى : بَلَغَ مِن عِظَمِ آياتي وكمالِ قدرتي وكثرة مخلوقاتي إِلى حيثُ استعظمتُها أَنا ، فكيف بعبادي؟! وهؤُلاءِ بجهلِهِم يسخرونَ منها ، فاستعمِلَ العَجَبُ في الاستعظامِ اللاّزِمِ له ، أَو معناهُ : الإِنكارُ والذّمُّ ك « عَجِبْتُ من جهل زيدٍ » على ما مرَّ.
الأَثر
( عَجِبَ رَبُّكَ مِنْ قَوْمٍ يُساقُونَ إِلى الجنَّةِ في السَّلاسِلِ ) (٤) أَي استعظَمَ رَبُّكَ ذلك كما مرَّ في الكتاب.
وأَمَّا ( عَجِبَ رَبُّكُمْ من إِلِّكُم وقُنُوطِكُم ) (٥) فهو ( في ) (٦) معنى الاستعظامِ على وجهِ الإِنكارِ للإِلِّ ـ وهو النحيبُ ورفعُ الصّوتِ بالبكاءِ ـ مع القُنُوطِ.
وحديثُ : ( عَجِبَ ربّكَ مِن شابٍ
__________________
(١) الصّافات : ١٢.
(٢) وهي قراءة حمزة والكسائي ، انظر السّبعة : ٥٤٧ ، وحجت القراءات : ٦٠٦ ، وهي أيضاً مروية عن علي عليهالسلام وابن عباس وابن مسعود ، انظر إعراب القرآن ٣ : ٤١٣ ، والتّفسير الكبير ٣٩ : ١١٠ ، ومعجم القراءات القرآنية ٥ : ٢٣١.
(٣) ليست في « ت ».
(٤) سنن أبى داود ٣ : ٥٦ / ٢٦٧٧ ، الغريبين ٤ : ١٢٣ النّهاية ٣ : ١٨٤.
(٥) الغريبين ٤ : ١٢٣٠ ، غريب الحديث لابن الجوزيّ ٢ : ٧٠ ، النّهاية ٣ : ١٨٤.
(٦) ليست في « ت ».