المنقطع النظير على توثيق كل تفاصيل القرآن من ألفه إلى يائه.
ولقد كان الأستاذ لوبلوا موضوعيا حينما أكد بقوله : « إن القرآن هو اليوم الكتاب الرباني الوحيد الذي ليس فيه أي تغيير يذكر » (١).
وحينما تم إقرار المصحف الإمام ، واستنسخت المصاحف في ضوئه ، وسيرت إلى الآفاق ـ وكان ذلك في سنة خمس وعشرين من الهجرة النبوية (٢). ـ أنس عثمان بصنيعه هذا ، وعمد إلى توثيقه وتفرده بصيغتين :
الأولى : إرساله من يثق المسلمون بحفظه وإقرائه مع مصحف كل إقليم بما يوافق قراءته وكان ذلك موضع اهتمام منه في أشهر الأقاليم ، فكان زيد بن ثابت مقرئ المصحف المدني ، وعبد الله بن السائب مقرئ المصحف المكي ، والمغيرة بن شهاب مقرئ المصحف الشامي ، وأبو عبد الرحمن السلمي مقرئ المصحف الكوفي ، وعامر بن عبد القيس مقرئ المصحف البصري (٣).
الثانية : أمره بما سواه من القرآن في كل صحيفة ومصحف أن يحرق (٤).
وكان هذا العمل مدعاة للنقد حيناً ، ومجالا للتشهير به حيناً آخر حتى قال الخوئي :
« ولكن الأمر الذي انتقد عليه هو إحراقه لبقية المصاحف ، وأمره أهالي الأمصار بإحراق ما عندهم من المصاحف ، وقد اعترض على عثمان في ذلك جماعة من المسلمين ، حتى سموه بحراق المصاحف » (٥).
وقد عقب على ذلك الدكتور طه حسين بقوله : « وربما تحرج بعض المسلمين من تحريق ما حرّق عثمان من المصحف ، ولم يقبلوا اعتذاره
__________________
(١) المصدر نفسه : والصفحة.
(٢) السيوطي ، الاتقان : ١ / ١٧٠.
(٣) ظ : الزرقاني ، مناهل العرفان : ١ / ٣٩٦ وما بعدها.
(٤) السيوطي ، الاتقان : ١ / ١٦٩.
(٥) الخوئي ، البيان : ٢٥٨.