بكر ، حتى قالوا بجمعه في عهد عمر ، مما فتح باب القول للمستشرقين في ذلك ، فقد أيد « شواللي » الشك في صحة الرواية القائلة : بأن أبابكر هو الذي أمر بجمع القرآن (١).
وقال بروكلمان : « ومما يحتمل كثيراً من الشك ما ذكرته الرواية من أن معركة اليمامة الحاسمة مع مسيلمة سنة ١٢ ه / ٦٦٣ م التي قتل فيها عدد كبير من قراء الصحابة ، هي التي قدمت الداعي إلى جمع القرآن ... على أن الخليفة عمر هو الذي أمر زيد بن ثابت ـ وكان شابا مدنيا كتب كثيراً للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ أن يقوم بجمع القرآن وكتابات الوحي. وبقي هذا المجموع في حوزة عمر ، ثم ورثته حفصة. ولعل هذا المجموع الأول كان صحفاً متناثرة » (٢).
وأغرب مما تقدم ما أخرجه بن أشته ، قال : « مات أبو بكر ولم يجمع القرآن ، وقتل عمر ولم يجمع القرآن » (٣).
وكل هذه الاعتبارات بما فيها ما أكد المستشرقون تتضمن تلويحاً خفياً بل تصريحاً جلياً بأن القرآن قد مرت عليه عهود وعصور وهو بعد لم يدون ، وإنما دون بعد ذلك اعتماداً على نصوص قد تكون ناقصة أو ممزقة ، وعلى روايات شفوية قابلة للخطأ والسهو والنسيان ، للقول من وراء هذا بالتحريف وهو ما نرفضه جملة وتفصيلاً.
وإذا سلمنا بأن جمع القرآن قد تم بعهد الصحابة ، وأنهم قد استشهدوا على إثباته بشاهدين (٤) وأن آيات لم يجدوها إلا مع معينين بالذات ، « فعن زيد قال : كتبت المصاحف فقدت آية كنت أسمعها من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فوجدتها عند خزيمة بن ثابت الأنصاري.
( مِنَ المؤمنينَ رجالٌ صدَقُوا ما عاهَدُوا الله عليهِ ... (٢٣) ) (٥) وكذلك آية
__________________
(١) (٢) بروكلمان تأريخ الأدب العربي : ١ / ١٣٩ وما بعدها.
(٣) السيوطي : الاتقان : ١ / ٢٠٢.
(٤) المصدر نفسه : ١ / ١٦٧.
(٥) الأحزاب : ٢٣.