وفيهم الخلفاء الأربعة وأمهات المؤمنين وذرية رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عدا آلاف المسلمين في طول البلاد وعرضها.
لقد عقب الماوردي على الرواية القائلة ، بأنه لم يجمع القرآن على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلا أربعة ، واستقل ذلك بل استنكره ، فقال :
« وكيف يمكن الإحاطة بأنه لم يكمله سوى أربعة ، والصحابة متفرقون في البلاد ؟ وإن لم يكمله سوى أربعة ، فقد حفظ جميع أجزائه مئون لا يحصون » (١).
فالماوردي هنا يفرق بين الجمع والحفظ ، وهو من علماء القرن الخامس الهجري ، ممن يعرف فحوى الخطاب ، ومنطوق العبارة ، ودلالة الألفاظ.
والفرق بين الجمع والقراءة والحفظ جلي لا يحتاج معه إلى بيان ، قد ذكر أبو عبيد في كتاب القراءات : القراء من أصحاب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فعد الخلفاء الأربعة ، وطلحة ، وسعداً ، وابن مسعود ، وحذيفة ، وسالما ، وأبا هريرة ، وعبد الله بن السائب ، والعبادلة (٢) ، وعائشة ، وحفصة ، وأم سلمة.
ومن الأنصار : عبادة بن الصامت ، ومعاذ الذي يكنى أبا حليمة ، ومجمع بن جارية ، وفضالة بن عبيد ، ومسلم بن مخلد (٣).
وهذا العدد يقتضي أن يكون على سبيل النموذج والمثال ، لا على سبيل الحصر والاستقصاء ، أو أن هؤلاء ممن اشتهر بالحفظ والقراءة أكثر من غيرهم.
ومما يؤيد صدق الروايات المتقدمة في إرادة الجمع المتعارف هو تداول جمع القرآن على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بما روي عن زيد بن ثابت فإنه يقول
__________________
(١) الزركشي ، البرهان : ١ / ٢٤٢.
(٢) العبادلة ؛ عبد الله بن عباس ، وعبد الله بن عمر بن الخطاب ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، ظ : ابن منظور ، لسان العرب : ٤ / ٢٦٩.
(٣) السيوطي ، الاتقان : ١ / ٢٠٢.