أحدث في المصاحف إلا النقاط الثلاث على رؤوس الآي » (١).
وكان هذا العمل إيذانا بمعرفة حدود الآية ، إذ يفصل بينها وبين الآية التي تليها بمؤشر نقطي ، تطور فيما بعد إلى شكل دائري ، يوضع داخله رقم الآية ، وبذلك تم تأشير أعداد الآيات وضبطها في السورة الواحدة.
وكان ذلك في الوقت نفسه مؤشرا إلى حركة تطويرية في شكل المصحف ، لا تتوقف عند حد من حدود التحسينات الشكلية الإيضاحية ، بل تستقطبها جميعاً فيما يحقق فائدة ، أو يزيل لبسا ، فقد عمدوا بعد ذلك الى كتابة الأخماس والأعشار ، وهو أن يدونوا بعد كل خمس آيات أو عشر آيات رقمها وعددها ، وكان قد كره ذلك جماعة من الأوائل على ما يدعى ، كابن مسعود ومجاهد والنخعي والحليمي (٢).
ولكنه لا يتعارض مع أي أصل ديني بل هو أمر إحصائي لا غبار على عائديته في التدقيق.
وحينما أدخل ما سبق تفصيله على الرسم العثماني ، لم تقف حركة التطوير عند هذا الحد تجاه الرسم الأول بل أضيف إليه كل ما يتعلق بأحكام السجود القرآني الواجب والمندوب ، فوضعوا في الهوامش إشارات إلى مواضع السجود ، بحيث اتضح كونه شيئاً والنص القرآني شيء آخر لانفصاله عنه إلى الجوانب شأنه في ذلك شأن تعيين الأحزاب والأرباع والأجزاء ، وإشارات التجويد في مغايرة رسمها في المدار ، وإن كانت ضمن النص ، مما استحسنه البيهقي فقال :
« ولا يخلط به ما ليس منه ، كعدد الآيات والسجدات والعشرات ، والوقوف ، واختلاف القراءات ، ومعاني الآيات » (٣).
وقد جعلوا لما تقدم بعض الضوابط ، لتمييز القرآن من القراءات ، والنص من الإضافات ، ولجأوا إلى تنويع لون المداد لكل من الرسم
__________________
(١) السيوطي ، الاتقان : ٤ / ١٦٠.
(٢) المصدر نفسه : ٤ / ١٦٠.
(٣) المصدر نفسه : ٤ / ١٦١.