ثم زاد أتباع أبي الأسود علامات أخرى في الشكل ، فوضعوا ـ مضافاً إلى ما تقدم ـ للسكون جرة أفقية فوق الحرف منفصلة عنه سواء كان همزة أم غير همزة ، ووضعوا الألف الوصل جرة في أعلاها متصلة به إن كان قبلها فتحة ، وفي أسفلها إن كان قبلها كسرة ، وفي وسطها إن كان قبلها ضمة (١).
ويأبى التأريخ إلا أن يضيف للحجاج بن يوسف الثقفي ( ت : ٩٥ ه ) أنه أصلح من الرسم العثماني في عدة مواضع حددت بأنها إحدى عشرة كلمة ، فكانت بعد إصلاحه لها أوضح قراءة (٢).
ولا مانع من هذا تأريخيا ، وهو جهد عادي ، إذ ارتبط بإصلاح إملائي لرسم المصحف ، لا في نقطه وإعجامه كما تخيل صبحي الصالح ، الذي اعتبر عمل الحجاج عظيماً ومشكورا لا سبيل إلى إنكاره في الإشراف على نقط القرآن ، وهو أمر موهوم كما رأيت.
وحينما ظهرت مشكلة اختلاط نقط الحركات التي وضعها أبو الأسود بنقط الحروف المتشابهة الرسم التي وضعها تلامذته كما أسلفنا ، استطاع الخليل بن احمد الفراهيدي ( ت : ١٧٠ ه ) أن يبتدع أشكال الحركات ، فتميزت حينئذ الحركات عن الحروف ، فقد جعل الحركات حروفا صغيرة بدل النقط ، وابتكر لكل حركة ما يناسبها في الشكل من الحروف ، فالضمة واو صغيرة فوق الحرف ، والكسرة ياء مردفة تحت الحرف ، الفتحة ألف مائلة فوق الحرف.
وقد وفق الخليل مضافاً لهذا إلى ابتكار علامات الهمز والتشديد والروم والاشمام (٣).
وحينما أباح المسلمون لأنفسهم ضبط النص المصحفي في النقط والحركات وقواعد الهمز والتشديد ، أحدثوا النقط عند آخر الآي ، ثم الفواتح والخواتم ، حتى قال يحيى بن أبي كثير : « ما كانوا يعرفون شيئاً مما
__________________
(١) ظ : الزنجاني ، تأريخ القرآن : ٨٨.
(٢) ظ : ابن أبي داود ، كتاب المصاحف : ١١٧.
(٣) ظ : البلوي ، ألف با : ١ / ٧٦ + السيوطي ، الاتقان : ٤ / ١٦٠.