والشكل والنقط ، كحل أولي لرفع الالتباس ، وإزالة الإيهام.
قال الداني وهو يشير إلى ما تقدم بل ويفتي به : « لا أستجيز النقط بالسواد لما فيه من التغيير لصورة الرسم ، ولا استجيز جمع قراءات شتى في مصحف واحد بألوان مختلفة ، لأنه من أعظم التخليط والتغيير للمرسوم ، وأرى أن تكون الحركات والتنوين والتشديد والسكون والمد بالحمرة ، والهمزات بالصفرة » (١).
وواضح في النص وغيره من النصوص الأخرى ، أن الرسم المصحفي للآيات كان يكتب بالمداد الأسود ، لهذا استحبوا أن تكون العلامات بالحمرة ، والهمزات بالصفرة ، وليكون ذلك عرفا شائعاً عند العامة والخاصة.
وهكذا جرى الضبط والتدقيق للشكل في القرآن ، فأضيف له بعد رسمه في الخط الكوفي ، النقط والحركات ، والهمز والتشديد ، والتخميس والتعشير ، والفصل بين الآيات وترقيمها ، ثم تطور الأخير إلى دوائر صغيرة ، وضع فيها رقم الآية بحسب تسلسلها من السورة ، ثم كتبت أسماء السور مع عدد آياتها في أول السورة وقبل البسملة متخذة لذلك عنوانا بالاسم ، وإحصاء بالآيات ، ثم قسم هذا النص إلى ثلاثين جزءاً ، وقسم كل جزء إلى أربعة أحزاب ، وكان ذلك بإشارات هامشية وأرقام وكتابات جانبية رسمية غير مختلطة بالنص القرآني الكريم ، وإلى جانب هذا أضيفت علامات التجويد والوقف ، ومواضع السجود وأمثال ذلك مما لم يكن معروفا في عصر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمة عليهمالسلام والصحابة (رض) ، وهي زيادات قصد بها الإيضاح والكشف والبيان ، ولم يخالف فيها الرسم المصحفي ، فقد بقيت صور الكلمات على هيئتها ، وحافظت على أشكالها ، كما وصفتها لنا كتب السلف في الموضوع ، وفي طليعتها كتاب : المقنع في معرفة مرسوم مصاحف أهل الأمصار ، لأبي عمرو وعثمان بن سعيد الداني ( ت : ٤٤٤ ه ).
__________________
(١) المصدر نفسه : ٤ / ١٦١ وما بعدها.