يزيد على هذا العدد كثيراً ، وفيهم من هو أسبق منهم تأريخاً. فقد تتبع الدكتور الفضلي من ألف في القراءات قبل اختيار ابن مجاهد للقراء السبعة ، فبلغت عدتهم عنده أربعة وأربعين مؤلفا ، ابتداء من يحيى بن يعمر ( ت : ٩٠ ه ) وانتهاء بأبي بكر محمد بن أحمد الداجوني ( ت : ٣٢٤ ه ) (١).
وكان نتيجة لهذا الإحصاء الدقيق أن ظهر أن هذه المؤلفات لم تختص بالقراءات السبع أو العشر أو الأربع عشرة ، وقراء تلك القراءات بل اتضح من خلال العرض والتحليل أن فيها من هو متقدم على بعض القراء المشهورين تأريخاً ، حتى إذا جاء ابن مجاهد التميمي البغدادي ( ت : ٣٢٤ ه ) فاختار من الجميع أولئك.
وقد علل مكي بن أبي طالب ( ت : ٤٣٧ ه ) وجه الاقتصار على هؤلاء دون غيرهم فقال :
« إن الرواة من الأئمة من القراء كانوا في العصر الثاني والثالث كثيراً في العدد ، كثيراً في الاختلاف ، فأراد الناس في العصر الرابع أن يقتصروا من القراءات التي توافق المصحف على ما يسهل حفظه ، وتنضبط القراءة به ، فنظروا إلى إمام مشهور بالثقة والأمانة ، وحسن الدين ، وكمال العلم ، فقد طال عمره ، واشتهر أمره ، وأجمع أهل عصره على عدالته فيما نقل ، وثقته فيما روى ، وعلمه بما يقرأ ، فلم تخرج قراءته عن خط مصحفهم المنسوب إليهم ، فأفردوا من كل مصر وجه إليه عثمان مصحفاً ، إماماً هذه صفته ، وقراءته على مصحف ذلك المصر » (٢).
وقد أيد ذلك من المتأخرين السيد محمد الجواد العاملي النجفي ( ت : ١٢٢٦ ه ) فتحدث عن وجهة نظره في تحديد القراءات بالسبع والقراء بالسبعة ، وقال :
« وحيث تقاصرت الهمم عن ضبط الرواة لكثرتهم غاية الكثرة ،
__________________
(١) ظ : عبد الهادي الفضلي ، القراءات القرآنية : ٢٧ ـ ٣٢.
(٢) مكي ، الإبانة : ٤٧ ـ ٤٨.